حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صوتٌ ليس بالعالي كصوت النحل. بالرفع والنصب، تفريقًا على رواية النون، وبناء الفاعل في يسمعُ ويفقه، وروايةُ الياء وبناء المفعول فيهما (فإذا هو يَسْأَلُ عن الإسلام) إذا للمفاجأة، والمراد: شرائع الإسلام كما فصل في الجواب. ولم يذكر التوحيد، وقد سَبَق أن إيراد الإسلام في باب الإيمان يدل على اتحادهما صدقًا، وإن اختلفا مفهومًا (خمسُ صلواتٍ في اليوم واللبل) خبر مبتدأٌ أي: هي أو هو (قال: هل عليّ غيرُها قال: لا إلّا أن تطوّع) حَمَل أبو حنيفة الاستثناء على الاتصال كما هو الأصلُ، وحَمَلَهُ الشَّافعي على الانقطاع؛ فلا يجبُ عنده النوافل، بالشروع فيها.
قال بعضهم: استدلالُ أبي حنيفة بالحديث مغالطة، لأنَّ الاستثناء فيه من قبيل قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]. أي: لا عليك بعد الفرائض إلّا التطوّع. وقد علم أن التطوع ليس بواجب. قلتُ: الأصلُ في الاستثناءِ الاتصالُ، وما ذكره أمر لا يعرفُهُ إلَّا آحاد العلماء. فكيف يُحمل عليه جوابُ السائل، على أن التقدير عند الحنفية إلَّا أن يشرع في التطوع لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
هذا وما ورد على الحنفية بأن إتمام النافلة واجب، فيكون استثناؤه من الفرض منقطعًا، ليس بواردٍ؛ لأنَّ المذكور في الحديث لفظُ "عليّ" وهو يدلُّ على اللزوم الشامل للفرض والوجوب والنفل، على أن التفرقة بين الواجب والفرض، وأيضًا التفرقةُ بين الواجب والفرض فيما طريقه ظني كأخبار الآحاد. والذي سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعي بلا خلاف، بل الجواب للشافعي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصائمُ المتطوع أميرٌ لنفسه" ونظائره.
(وذكر له الزكاةَ) غير الأسلوب؛ لأنَّه لم يحفظ عبارته فيه، فأطلق الذكر؛ لأنَّه لازمه. (والله لا أزيدُ على هذا ولا أُنقص) اختلف العلماءُ فيما أشير إليه بهذا. قيل: أشار إلى كل ما