وَسَأَلْتُكَ، هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَنْ مَلَكَ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الروايات يتأسى من باب التفعل وهو بمعناه. قول ((وهم أتباع الرسل)) وذلك أن الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد وإتباع الحق وهذا بحسب الغالب وإلا فقد كان فيهم الأشراف كالصديق رضي الله عنه وغيره في أوائل البعثة وإلا ففي الأواخر لا يستنكفون بل يفتخرون. قوله: ((أيرتد)) سؤاله عن الإرتداد هو لان من دخل على بصيرة في أمر محقق لا يرجع عنه بخلاف من دخل في أباطيل. فان قلت قد ارتد كثير ممن آمن به فما وجههقلت اما لأنه لم يرتد أحد حينئذ واما لأن الارتداد لم يكن لبعض الدين بل لحب الرياسة ونحوه. قوله: ((بشاشته)) أي بشاشة الاسلام وهو انشراحه ووضوحه وفي بعض الروايات ((بشاشة القلوب)) باضافة البشاشة أي يخالط الإيمان انشراح الصدور وأصلها اللطف بالإنسان عند قدومه واظهار السرور برؤيته وهو بفتح الباء يقال بش بشاشة وأما سؤاله عن الغدر فلأن من طلب حفظ الدنيا لايبالي بالغدر وغيره مما يتوصل به إليها ومن طلب الآخرة لم يرتكب قدرا ولاغيره من القبائح