وَنَنَالُ مِنْهُ، قَالَ: مَاذَا يَامُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَامُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ، فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ، هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَاتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شبه المتحاربين بالمستقيين هذا دلوا وذاك دلوا. فإن قلت الحرب مفرد والسجال جمع فلا مطابقة بين المبتدأ والخبر. قلت الحرب اسم جنس. قوله: ((ينال)) أي يصيب. ومعنى ((ما بقول أبائكم)) عبادة الأوثان وإنما بالغ فيها حيث ذكرها بثلاث عبارات لانعا كانت أشد الأشياء عليه وأهم عنده أو لأنه فهم أن هرقل من الذين قالوا يالإشراك من النصارى فأراد تحريكه وتنفيره عن دين التوحيد والله أعلم. قوله: ((الصلاة)) هي أم العبادات البدنية وهي العبادة التي مفتتحها التكبير ومختتمها التسليم ((والصدق)) هو القول المطابق للواقع ((والعفاف)) بفتح العين الكف عن الحرام وخوارم المروءة ((والصلة)) المراد بها صلة الرحم وكل ما أمر به أن يوصل وذلك بالبشر والإكرام وحسن المراعاة ولو بالسلام وصلة الرحم هو تشريك ذوي القرابات في الخير واختلوا في الرحم فقيل هو كل ذوي رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما فلا يدخل أولاد الأعمام فيه وقيلهو عام في كل ذوي رحم في الميراث محرما وغيره وقد جمع وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الامور الأربعة بتمام مكارم الأخلاق لأن الفضيلة إما قولية وهي الصدق وإما فعلية والفعلية إما بالنسبة إلى غيره وهي الصلة وأشار بقوله: ((ولا تشركوا واتركوا)) إلى التخلي عن الرذائل. بقوله: ((يأمرنا بالصلاة)) الخ إلى التحلي بالفضائل ومحصله أنه ينهانا عن النقائص ويأمرنا بالكمالات وهو معنى التكميل المقصود من الرسالة. قوله: ((وكذلك الرسل)) يعني هم أفضل القوم وأشرفهم والحكمة فيه أن من شرف نسبه كان أبعد من انتحال الباطل أن أقرب لانقياد الناس إليه. قوله: ((رجل يتأسى)) أي يقتدي ويتبع وهو بهمزة بعد الياء وفي بعض