بِمَا يَامُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَامُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَامُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((فذكرأنه يأمركم)) فان قلت ما قال أبو سفيان يقول بلفظ الأمرفلم غير هرقل عبارته. قلت تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم وتأدبا له ولهذا سأل فيما تقدم أيضا بلفظ ما يأمركم وعدل أبوسفيان عن لفظ يأمرنا إلى أن يقول بخلاف ذلك. فان قلت لاتشركوا كيف يكون مأمورا به والعدم لا يؤمر به اذ لا تكليف إلا بفعل سيما في الأوامر. قلت المراد به التوحيد فان قلتلا تشركوا نهى فما معنى ذلك اذ لايقال له أمر قلت الاشراك منهى عنه وعدم الاشراك مأمور به مع أن كل نهي عن شيء أمر بضده وكل امر بشيء نهى عن ضده فان قلت ((وينهاكم عن عبادة الأوثان)) لم يذكره أبو سفيان فلم ذكره هرقل. قلت قد لزم ذلك من قول أبي سفيان من لفظ وحده ومن لا تشركوا ومن واتركوا مل يقول آباؤكم ومقوله: م كان الأمر بعبادة الأوثان. فان قلت ما ذكر هرقل لفظ الصلة التي ذكرها أبو سفيان فلم تركها. قلت لأنه داخلة في العفاف إذ الكف عن المحارم وخوارم المروءة تستلزم الصلة. فان قلت فلم ما راعى هرقل الترتيب وقدم في الإعادة سؤال التهمة على سؤال الإتباع والزيادة والارتداد. قلت الواو ليست للترتيب أو أن شدة اهتمام هرقل بنفي الكذب على الله عنه بعثه على التقديم فان قلت السؤال من أحد عشر وجها والمعاد في كلام هرقل تسعة حيث لم يقل وسألتك عن القتال وسألتك كيف كان قتالكم فلم ترك هذين الإثنين قلت لأن مقصود هرقل بيان علامات النبوة وأمر القتال لا دخل له فيها إلا بالنظر إلى العاقبة وذلك عند وقوع هذه القصة كانت في الغيب وغير معلوم لهم ولأن الراوي اكتفى بما سيذكره في رواية يوردها في كتاب الجهاد في باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس الى الاسلام بعد تكرار هذه القصة مع الزيادات وهو أنه قال وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم فزعمت أن قد فعل وأن حربكم وحربه يكون دولا وكذلك الرسل تبتلي وتكون لها العاقبة وأقول وإنما يبتليهم بذلك ليعظم أجرهم بكثرة صبرهم وبذلهم وسعيهم في طاعته. قوله: ((وقد كنت أعلم)) هذا العلم وكل الذي قاله هرقل ما خذه إما من القرائن العقلية وإما من الأحوال العادية وإما من