اللَّهُ تَعَالَى {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} وَقَالَ الضَّحَّاكُ {إِلَّا رَمْزًا} إِلَّا إِشَارَةً وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ فَإِنْ قَالَ الْقَذْفُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِكَلَامٍ قِيلَ لَهُ كَذَلِكَ الطَّلَاقُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِكَلَامٍ وَإِلَّا بَطَلَ الطَّلَاقُ وَالْقَذْفُ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ الْأَصَمُّ يُلَاعِنُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله (الضحاك) هو ابن شراحيل بفتح المعجمة وخفة الراء وكسر المهملة الهمذاني التابعي المفسر قال ابن بطال: احتج البخاري بقوله تعالى "فأشارت إليه"على صحته إذ عرفوا من إشارتها ما يعرفونه من نطقها وبقوله تعالى " أيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا" أي إشارة ولولا أنه يفهم منه ما يفهم من الكلام لم يقل تعالى لا تكلمهم إلا رمزا فجعل الرمز كلاما. قال المهلب: وقد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام مثل حديث "بعثت أنا والساعة كهاتين" ومتى يبلغ البيان إلى ما بلغت إليه الإشارة بما بينهما من مقدار زيادة الوسطى على السبابة. قوله (بعض الناس) يريد به الحنفية حيث قالوا لا حد على الأخرس إذ لا اعتبار لقذفه وكذا لا لعان وقالوا إن طلق يعتبر طلاقه وفي بعضها إن طلقوا أي الجماعة الخرس يعتبر طلاقهم، قال صاحب الهداية: قذف الأخرس لا يتعلق به اللعان لأنه لا يتعلق بالصريح كحد القذف وقال أخره ولا يحد بالإشارة في القذف لانعدام القذف صريحا وقال وطلاق الأخرس واقع بالإشارة لأنها صارت معهودة فأقيمت مقام العبارة دفعا للحاجة وغرض البخاري أنهم تحكموا حيث قالوا لا اعتبار لقذف الأخرس واعتبروا طلاقه فهو بدون الافتراق وتخصيص بلا اختصاص. قوله (وإلا بطل) أي إن لم يقولوا بالفرق قلا بد من بطلان كليهما لا بطلان القذف فقط وكذلك العتق أيضا حكمه حكم القذف فيجب أيضا أن تبطل إشارته بالعتق ولكنهم قالوا بصحة عتقه. قوله (الشعبي) بفتح المعجمة وإسكان المهملة اسمه عامر وإذا قال أنت طالق بإشارة يعني أشار بيده مثلا وفي بعضها إذا قال أنت طالق وأشار بأصبعه، فإن قلت كيف يتصور للأخرس أن يقول ذلك قلت أراد بقوله