منكم)؟ فبان أن الأولين فضلوا بالصحبة والسبق لكن يساويهم الآخرون، أو يفضلونهم في ثواب المعاملة الأجر.
أما وجه المساواة ففيما يأتي في الباب الثالث.
من قوله- صلى الله عليه وسلم-: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ). فكما أن الدين كان محتاجًا إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت الناس على السنة وإظهارها. لكن الفضل للمتقدم كالزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول والمطر الثاني لكن العمدة الكبرى على الأوَّل.
قال بعض العلماء: فعمل المتأخرين في غربة الإسلام عملًا أخرًا يوازي عمل الأولين في غربة الإسلام أولًا لاستواء مجاهدتهم، وقلة عددهم ومساعديهم.
ووجه فضل المتأخرين في غربة الإسلام أخرًا على الأولين، في المجاهدة وأجر العمل والمكان، أن الأولين جاهدوا مع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- (بالإضافة إلى) رؤيته ودعائه، (ومعونته) وتحريضه وشفقته- فكان لهم- بذلك- أقوى عدد ومدد لم يكن للمتأخرين وكانت مجاهدتهم أعظم، ومعاناتهم أتم وأبلغ فكان أجرهم أزيد وأكثر.
وقد روى الطبراني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه- صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: (أيُّ الخلق أعجب إيمانًا! قالوا: الملائكة قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم، قالوا: فالأنبياء. قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم قالوا: فنحن قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ! قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني).
وروى الإمام أحمد، وغيره من حديث أبي أمامة مرفوعًا. (طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني. ثلاث مرات).
وبسنده، عن أبي محيريز قال: قلت لأبي جمعة رجل من الصحابة: حدثنا حديثًا