وروى أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني- في الترغيب والترهيب- بسنده، عن الحسن البصري في قوله- تعالي-:

{يؤتي الحكمة من يشاء}.

قال: الورع.

(ودخل الحسن- أيضًا- مكة، فرأي غلامًا من أولاد علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- قال: وقد اسند ظهره إلي الكعبة يعظ الناس، فوقف عليه الحسن. فقال: ما ملاك الدين؟ فقال: الورع. فقال: ما آفة الدين؟ قال الطمع. فتعجب الحسن منه.

قال شيخ مشايخنا محيي الدين عبد القادر الكيلاني- قدس الله روحه- والورع ثلاث درجات: ورع العوام (من الحرام) والشبهة، والخواص وهو كل ما للنفس والهوى فيه حظ، وورع خواص الخواص وهو عن كل ما لهم فيه إرادة ورؤية.

فصل (3): تأكد ورع الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالإغراض عما في أيدي الناس

ويتأكد لزوم الورع للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، سيما بالإغراض عما في أيدي الناس بقطع المطامع، لأنها مذهبة للهيبة حيث كان غضبة لغرض دنيوي وكذلك سروره، فإن الطمع تعلق النفس بإدراك مطلوب تعلقًا قويًا.

وهو أشد من الرجاء، لأنه لا يحدث إلا عن قوة ورغبة وشدة إرادة فإذا اشتد صار طمعًا وإذا ضعف كان رغبة ورجاء.

وروي ابن ماجه، والحاكم، وغيرهما من حديث أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلًا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أوصني وأوجز. فقال: (عليك باليأس عما في أيدي الناس، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر) الحديث.

ورواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب الأمثال، ورواه ابن أبي الدنيا- في كتاب القناعة- من حديث إسماعيل الأنصاري عن أبيه، عن جده.

وقد تقدم- في الباب الثاني- والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015