بافترائه وتعرض لعقابه الأليم، فلا ينبغي أن تغضب مع غضب الله عليه فتشمت الشيطان به وتقول: اللهم أهلكه، بل ينبغي أن تقول: اللهم أصلحه اللهم تب عليه- كما قال صلى الله عليه وسلم حين شجعه قومه وضربوه: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).
ودعاء إبراهيم بن أدهم لمن شج رأسه بالمغفرة: (فقيل له في ذلك) فقال اعلم أني مأجور على ذلك فلا أرضى أن يكون هو معاقبًا بسببي. انتهى.
فسبحان من أغوى وأرشد، وأشقى وأسعد، ونسأله - تعالى - أن يعرفنا طريق رشدنا، ويبصرنا بعيوب أنفسنا، ويوقظنا بشكر من يطلعنا عليها بفضله وإحسانه وجوده وامتنانه فهو الحاكم في جميع الأفعال، اللطيف الكبير المتعال.
ولنرجع - الآن - إلى طبقات المأمورين بالمعروف المنهيين عن المنكر.
الطبقة الثانية: من ليس له وجاهة بين العوام لكنهم أوغاد أغمار لئام مرفوعون على الناس ببعض وصلة بالدولة ولكل منهم بحسب إيصاله صولة ذكرهم بالقبائح قد ملأ الأقطار ويكفيهم اتسامهم بالأشرار فإن أمروا أو نهوا لا يسمعون وإن أرهبوا لا يرهبون.
كما قيل:
إذا غلب الشقاء على السفيه ... تنطع في مخالفة الفقيه
فقد أنفذ الله تعالى حكمه فيهم وأبرم، وقصه في كتابه العزيز الذي أنزله وأحكم، فقال عز من قائل - فيمن سبق قضاؤه فيهم بدمارهم، وجرى القلم في القديم ببوارهم: {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم} ثم قال: {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون} {لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون}.
قال للمقيمين على معاصيهم وجهلهم، الناسين من سبقهم من أهلهم، المصرين على قبح فعلهم.