وأنشدوا:
لا ينفع الوعظ قلبًا قاسيًا أبدا ... وهل تلين لقلب الواعظ الحجر
قال بعضهم: من التعذيب تهذيب الذئيب.
قال علماء التفسير- عند قوله - تعالى: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد}.هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوًا كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (كفى بالمرء إثمًا أن يقول له أخوه اتق الله فيقول: عليك بنفسك مثلك يأمرني ويوصيني. و (أخذته) أي حملته. و (العزة) القوة والغلبة. وقيل الحمية. وقيل المنعة وشدة النفس، أي اعتز في نفسه فأوقعته تلك العزة في الإثم حين أخذته).
قال قتادة: المعنى إذا قيل له: مهلًا ازداد إقدامًا على المعصية.
قال القرطبي: والمعنى حملته العزة على الإثم. وقيل أخذته العزة بما يؤثمه. أي ارتكب الكبر للعزة وحمية الجاهلية. ونظيره قوله تعالى: {بل الذين كفروا في عزة وشقاق}.
وقيل الباء في قوله (بالإثم) بمعنى اللام أي أخذته العزة والحمية عن قبول الوعظ للإثم الذي في قلبه وهو النفاق.
قال بعض العارفين: هؤلاء قوم استولى عليهم التكبر وزال عنهم خضوع الإنصاف فشمخت أنوفهم عن قبول الحق فإذا أمرته بمعروف قال: ألمثلي يقال هذا؟ ! وأنا كذا وكذا وأنت أولى بأن تؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فإن من حالك وقصتك كذا وكذا، ولو ساعده التوفيق وأدركته الرحمة لتقلد المنة لمن هداه إلى رؤية خطئه ونبهه عن سوء وصفه.
قوله تعالى: {فحسبه جهنم} أي كافيه عقابًا وجزاءَا. (المهاد) الموضع المهيأ للنوم وسميت جهنم مهادًا. لأنها مستقر الكفار وكان عمر بن الخطاب إذا قرأ هذه الآية قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ذكر أبو عبد الله القرطبي أن يهوديًا كانت له حاجة عند هارون الرشيد فاختلف إلى بابه سنة فلم يقض حاجته فوقف يومًا على الباب فلما خرج هارون سعى حتى وقف بين يديه فقال: اتق الله يا أمير المؤمنين، فنزل هارون عن دابته وخر ساجدًا فلما رفع رأسه أمر