وقال أبو الوفا ابن عقيل: سئل أحمد - رحمه الله - هل يجوز تحريق الثياب التي عليها الصور؟ قال: لا يجوز، لأنها يمكن أن تكون مفارش بخلاف غيرها.
قال أبو عبد الله بن محمد بن مفلح: فلا يجوز على قول "أحمد" تحريق الثياب التي عليها الصور ولا المرقومة للبسط والدومى ولا كسر حلى الرجال المحرم عليهم إن صلح للنساء ولم يستعمله الرجال.
قال ابن القيم: ولا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها. قال أبو بكر المروذي: قلت لأحمد: استعرت من صاحب الحديث كتابًا يعني فيه أحاديث رديئة ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم وذكر أبو عبد الله ابن مفلح، عن ابن عقيل أنه قال- في الفنون -: لا يصح ابتياع الخمر ليريقها، ويصح ابتياع كتب الزندقة لتحريقها، لأن في الكتب مالية الورق.
ثم قال ابن مفلح: ومتوجه قول أنه لا يجوز، لأنه استنقاذ كشراء الأسير. وكأن ابن عقيل إنما حكى ذلك عن غيره، فإن لفظه قيل لحنبل: أيجوز شراء الخمر للإراقة؟ قال: لا. قلت: فكتب الزندقة للتمزيق؟ قال: نعم. قيل فما الفرق؟ قال: في الكتب مالية الورق. قال حنبلي جيد الفهم: هذا باطله بآلة اللهو؛ فإن فيها أخشابًا ووترًا ولا يصح بيعها بما فيها من التأليف الذي أسقط حكم مالية الآلة حتى لو أحرقت لم يضمن فهلا أسقطت حكم مالية التأليف الورق كما سقطت مالية الخشب.
وقال - في الرعاية-: ويصح أن يشتري كتب الزندقة ونحوها ليتلفها فقط. انتهى.
(وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد عمر بن الخطاب كتابًا اكتتبه من التوراة وأعجبه موافقته للقرآن فتمعر وجه النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى ذهب به عمر إلى التنور في فألقاه فيه.