قال أبو حامد: فإن قيل: فهلا جاز للسلطان تخريب ديار الفساق زجرًا. قلنا لو ورد الشرع بذلك لم يكن خارجًا عن سنن المصالح ولكنا لا نبتدع المصالح، بل نتبع فيها الشرع وكسر الظروف- وقد كان في بداية الشرع- عند شدة الحاجة إلى الزجر، وتركه بعد ذلك لعدم شدة الحاجة لا يكون نسخًا يزول بزوال العلة ويعود بعودها، وإنما جوزنا ذلك للإمام بحكم الإتباع ومنعنا آحاد الرعية لخفاء وجه الاجتهاد فيه. انتهى.
قال حنبل: سمعت أحمد - رحمه الله- سئل عمن يعمل المسكر ويبيعه. ترى أن يحول من الجوار؟ قال، أرى أن يوعظ في ذلك ويقال له. فإن انتهى وإلاّ نهى أمره إلى السلطان حتى يمتنع من ذلك.
قال ابن القاسم: سئل مالك - رحمه الله - عن فاسق يأوي إليه أهل الفسق والخمر ما يصنع به؟ قال: يخرج من منزله، وتكرى عليه الدار والبيوت قال: فقلت: ألا تباع؟ قال: لا لعله يتوب، فيرجع إلى منزله.
قال ابن القاسم: يتقدم إليه مرة، أو مرتين أو ثلاثًا. فإن لم ينته أخرج وأكرى عليه.
قال ابن رشيد: قد قال "مالك" في الواضحة: إنها تباع عليه خلاف قوله في هذه الرواية.
قال: وقوله فيها أصح، لما ذكره من أنه قد يتوب ويرجع إلى منزله. ولو لم تكن الدار له وكان فيها بكراء، أخرج منها، وأكريت عليه، ولم يفسخ كراؤه فيها. قاله في كراء الدار من المدونة. والله أعلم.
وقال أبو بكر المروذي: قلت لأبي عبد الله - رحمه الله - فالرجل يدعى إلى وليمة فيرى ستراً فيه تصاوير؟ قال: لا ينظر إليها. فقلت: نظرت كيف أصنع أحرقه؟ قال: تحرق شيء الناس؟ ولكن إن أمكنك خلعه خلعته. قلت: فالرجل يكتري البيت فيه تصاوير ترى أن يحكها؟ قال: نعم: وقلت إن دخلت حمامًا فرأيت فيه صورة ترى أن أحك الرأس؟ قال: نعم.