الكليات (صفحة 383)

وَالْفِعْل عرف جَدِيد

والحرف عِنْد النُّحَاة: مَا جَاءَ بِمَعْنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل، وَلَو قيل: الْحَرْف مَا جَاءَ لِمَعْنى فِي غَيره فَهَذَا مُبْهَم، فَإِن أُرِيد أَن الْحَرْف مَا دلّ على معنى يكون ذَلِك الْمَعْنى حَاصِلا فِي غَيره أَو حَالا فِي غَيره لزم أَن يكون اسْم الْأَعْرَاض وَالصِّفَات كلهَا حروفا، وَإِن أُرِيد معنى ثَالِث فَلَا بُد من بَيَانه

وَالصَّوَاب أَن الْمَعْنى الَّذِي وضع لَهُ الْحَرْف سَوَاء كَانَ نِسْبَة أَو مستلزما لَهَا هُوَ الْمعِين بِتَعْيِين

لَا يحصل فِي الذِّهْن إِلَّا بِذكر الْمُتَعَلّق مثلا: (لَيْت) مَوْضُوع لكل فَرد معِين من التمنيات الَّتِي تتَعَيَّن بالمتعلقات مثل: (زيد قَائِم) فَلَا بُد من ذكره، وَهَذَا معنى مَا قيل: إِن الْحَرْف وضع بِاعْتِبَار معنى عَام هُوَ نوع من النِّسْبَة، وَالنِّسْبَة لَا تتَعَيَّن إِلَّا بالمنسوب إِلَيْهِ، فَمَا لم يذكر مُتَعَلق الْحَرْف لَا يتَحَصَّل فَرد من ذَلِك النَّوْع، وَهُوَ مَدْلُول الْحَرْف لَا فِي الْعقل وَلَا فِي الْخَارِج، وَإِنَّمَا يتَحَصَّل بتعلقه فيتعقل بتعلقه، فقد ظهر أَن ذكر مُتَعَلق الْحَرْف إِنَّمَا هُوَ لقُصُور فِي مَعْنَاهُ لِامْتِنَاع حُصُوله فِي الذِّهْن بِدُونِ مُتَعَلّقه، وَاعْتبر مثل هَذَا فِي الِابْتِدَاء وَلَفْظَة (من) ، وَأما نَحْو: (ذُو) و (فَوق) فَهُوَ مَوْضُوع لذات مَا بِاعْتِبَار نِسْبَة مُطلقَة كالصحبة والفوقية لَهَا نِسْبَة تقييدية إِلَيْهَا فَلَيْسَ فِي مَفْهُومه مَا لَا يتَحَصَّل إِلَّا بِذكر مُتَعَلقَة بل هُوَ مُسْتَقل بالتعقل، والحرف من حَيْثُ هُوَ حرف مَاهِيَّة مَعْلُومَة متميزة عَمَّا عَداهَا، فَكل مَا كَانَ كَذَلِك صَحَّ الْإِخْبَار عَنهُ بِكَوْنِهِ ممتازا عَن غَيره

والحرف كَيْفيَّة تعرض للصوت، بهَا يمتاز الصَّوْت عَن صَوت آخر مثله فِي الحدة والثقل تميزا فِي المسموع، لَا يُقَال عرُوض الْكَيْفِيَّة للصوت يسْتَلْزم قيام الْعرض بِالْعرضِ، لأَنا نقُول: اللَّام فِي الصَّوْت لأجل التّبعِيَّة، فَالْمَعْنى أَن الْحَرْف كَيْفيَّة تعرض للجسم بتبعية الصَّوْت فَلَا يلْزم مَا ذكر

[مَعَ أَن الإِمَام رَحمَه الله جوز ذَلِك حَيْثُ قَالَ فِي " الْمَحْصُول ": إِن السرعة والبطء عرضان قائمان بالحركة لَا بالجسم، إِذْ يُقَال: جسم بطيء فِي حركته وَلَا يُقَال: جسم بطيء فِي جسميته وَأجَاب المانعون عَنهُ بِأَن السرعة والبطء قائمان بالمتحرك بِوَاسِطَة الْحَرَكَة لَا بِنَفس الْحَرَكَة، وَالْأَشْبَه بِالْحَقِّ الْجَوَاز إِذْ الْمَعْنى من الْقيام أَن يَتَّصِف عرض بِعرْض يُقَال: هَذِه رَائِحَة طيبَة وَتلك مُنْتِنَة، وَهَذَا الْفِعْل حسن وَذَاكَ قَبِيح]

والحرف سِتَّة أَنْوَاع: مَا لَا يخْتَص بالأسماء وَلَا بالأفعال، بل يدْخل على كل مِنْهُمَا وَلَا يعْمل ك (هَل)

وَمَا لَا يخْتَص بهما وَلكنه يعْمل، كالأحرف المشبهة ب (لَيْسَ)

وَمَا يخْتَص بالأسماء وَيعْمل فِيهَا الْجَرّ، ك (فِي) وَالنّصب وَالرَّفْع ك (إِن) وَأَخَوَاتهَا

وَمَا يخْتَص بالأسماء وَلَا يعْمل فِيهَا، كَلَام التَّعْرِيف

وَمَا يخْتَص بالأفعال وَيعْمل فِيهَا الْجَزْم ك (لم) أَو النصب ك (لن)

وَمَا يخْتَص بالأفعال وَلَا يعْمل فِيهَا ك (قد) وَالسِّين و (سَوف)

وحروف الْمعَانِي: هِيَ الَّتِي تفِيد معنى كسين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015