ومنْ قال: إنَّه ليسَ على العرشِ ربٌّ ولا فوقَ السَّمواتِ خالقٌ، بلْ ما هنالكَ إلَّا العدمُ المحضُ والنَّفيُ الصِرفُ فهوَ معطِّلٌ جاحدٌ لرَبِّ العالمينَ مضاهٍ لفرعونَ الذي قال: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأََظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36 - 37].
بلُ أهلُ السنَّةِ والحديثِ، وسلفُ الأمَّةِ متَّفقونَ على أنَّه فوقَ سمواتهِ على عرشهِ بائنٌ منْ خلقهِ ليسَ في ذاتهِ شيءٌ منْ مخلوقاتهِ ولا في مخلوقاتهِ شيءٌ منْ ذاتهِ، وعلى ذلكَ نصوصُ الكتابِ والسنَّةِ وإجماعُ سلفِ الأمَّةِ وأئمَّة السنَّةِ، بلْ على ذلكَ جميعُ المؤمنينَ مِنَ الأوَّلِينَ والآخرينَ وأهلُ السنَّةِ وسلفُ الأمَّةِ متَّفقونَ على أنَّ منْ تأوَّل استوى بمعنى استولى أو بمعنًى آخرَ ينفي أنْ يكونَ الله فوقَ سمواتهِ فهوَ جهميٌّ ضالٌّ (?).
36 - الرَّبُّ تعالى غنيٌّ عنْ كلِّ ما سواهُ منْ كلِّ وجهٍ، وكلُّ ما سواهُ فقيرٌ إليهِ منْ كلِّ وجهٍ، وهذا معنى اسمه «الصَّمد» فإنَّ الصَّمدَ الذي يصمدُ إليهِ كلُّ شيءٍ لافتقارهِ إليهِ، وهوَ غنيٌّ عنْ كلِّ شيءٍ لا يصمدُ إلى شيءٍ سبحانه وتعالى، فكيفَ يكونُ قوامهُ بشيءٍ مِنَ المخلوقاتِ؟ (?).
37 - وصفَ الله نفسَهُ بأنَّه استوى على عرشهِ، فذكرَ في سبعِ آياتٍ منْ كتابهِ أنَّهُ استوى على العرشِ، ووصف بعضَ خلقهِ بالاستواءِ على غيرهِ، في مثلِ قولهِ: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28]، وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] وليسَ الاستواءُ كالاستواءِ (?).