38 - لا بدَّ منْ إثباتِ ما أثبتهُ الله لنفسهِ، ونفي مماثلتهِ لخلقهِ، فمنْ قالَ: ليسَ لله علمٌ ولا قُوَّةٌ ولا رحمةٌ ولا كلامٌ، ولا يحبُّ ولا يرضى، ولا نادى ولا ناجى، ولا استوى، كانَ معطِّلًا جاحدًا ممثِّلًا للهِ بالمعدوماتِ والجماداتِ.

ومنْ قالَ: لهُ علمٌ كعلمي، أو قوَّةٌ كقوَّتي، أو حبٌّ كحبي، أو رضا كرضاي، أو يدان كيديِّ، أو استواءٌ كاستوائي، كانَ مشبِّهًا ممثِّلًا لله بالحيواناتِ، بلْ لاَ بدَّ منْ إثباتٍ بلا تمثيلٍ، وتنزيهٍ بلا تعطيلٍ (?).

39 - لمْ نعلمْ أحدًا قالَ: إنَّهُ محتاجٌ إلى شيءٍ منْ مخلوقاتهِ، فضلًا عنْ أنْ يكونَ محتاجًا إلى غيرِ مخلوقاتهِ. ولا يقولُ أحدٌ: إنَّ الله محتاجٌ إلى العرشِ، مَعَ أنَّهُ خالقُ العرشِ، والمخلوقُ مفتقرٌ إلى الخالقِ، لا يفتقرُ الخالقُ إلى المخلوقِ، وبقدرتهِ قامَ العرشُ وسائرُ المخلوقاتِ، وهوَ الغنيُّ عَنِ العرشِ، وكلُّ ما سواهُ فقيرٌ إليهِ.

وإذا كانَ اللهُ فوقَ العَرْشِ لم يَجِبْ أن يكونَ محتاجًا إليهِ، فإنَّ الله قدْ خلقَ العالمَ بعضَهُ فوقَ بعضٍ، ولمْ يجعلْ عاليَهُ محتاجًا إلى سافلهِ، فالهواءُ فوقَ الأرضِ وليسَ محتاجًا إليها، وكذلكَ السَّحابُ فوقها وليسَ محتاجًا إليهَا، وكذلكَ السَّمواتُ فوقَ السَّحابِ والهواءِ والأرضِ وليستْ محتاجةً إلى ذلكَ، والعرشُ فوقَ السَّماواتِ والأرضِ وليسَ محتاجًا إلى ذلكَ، فكيفَ يكونُ العليُّ الأعلى خالقُ كلِّ شيءٍ محتاجًا إلى مخلوقاتهِ لكونهِ فوقَهَا عاليًا عليها؟!.

ونحنُ نعلمُ أنَّ اللهَ خالقُ كلِّ شيءٍ، وأنَّهُ لاَ حولَ ولاَ قوَّةَ إلَّا بهِ، وأنَّ القوَّةَ التي في العرشِ وفي حملةِ العرشِ هو خالقهَا، بل نقولُ: إنَّه خالقُ أفعالِ الملائكةِ الحاملينَ للعرشِ؛ فإذا كانَ هوَ الخالقُ لهذا كلِّهِ، ولاَ حولَ ولاَ قوَّةَ إلَّا بهِ، امتنعَ أنْ يكونَ محتاجًا إلى غيرهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015