وإنْ كانَ يعتقدُ أنَّ الخالقَ تعالى بائنٌ عَنِ المخلوقاتِ، وأنَّهُ فوقَ سماواتهِ على عرشهِ بائنٌ منْ مخلوقاتهِ، ليسَ في مخلوقاتهِ شيءٌ من ذاتهِ، ولا في ذاتهِ شيءٌ منْ مخلوقاتهِ، وأنَّ الله غنيٌّ عَنِ العرشِ وعَنْ كلِّ ما سواهُ، لا يفتقرُ إلى شيءٍ مِنَ المخلوقاتِ، بلْ هوَ مع استوائهِ على عرشهِ يحملُ العرشَ وحملةَ العرشِ بقدرتهِ، ولا يمثِّلُ استواءَ الله باستواءِ المخلوقينَ، بل يثبتُ لله ما أثبتهُ لنفسهِ مِنَ الأسماءِ والصفاتِ، وينفي عنهُ مماثلةَ المخلوقاتِ، ويعلم أنَّ الله ليسَ كمثلهِ شيءٌ: لا في ذاتهِ، ولا في صفاتهِ، ولا أفعالهِ. فهذا مصيبٌ في اعتقادهِ موافقٌ لسلفِ الأمَّةِ وأئمَّتها (?).

31 - الرَّبُّ تعالى يمتنعُ أنْ يحتاجَ إلى شيءٍ منْ مخلوقاتهِ لا إلى العرشِ، ولا إلى غيرهِ، أو يحيطُ بهِ شيءٌ مِنَ الموجوداتِ، إذْ هُوَ الظاهرُ، فليسَ فوقهُ شيءٌ ...

فهو غنيٌّ عنْ كلِّ ما سواهُ، وكلُّ ما سواهُ فقيرٌ إليهِ، ولهذا لم يكنْ ما وصفَ اللهُ بهِ نفسَهُ مماثلًا لصفاتِ المخلوقينَ، كما لم تكنْ ذاتهُ كذواتِ المخلوقينَ فهو مستوٍ على عرشهِ، كما أخبرنا عنْ نفسهِ مع غناهُ عنِ العرشِ.

والمخلوقُ المستوي على السريرِ أو الفلكِ أو الدَّابةِ لو ذهبَ ما تحتهُ لسقطَ لحاجتهِ إليهِ، واللهُ غنيٌّ عنْ كلِّ ما سواهُ، وهوَ الحاملُ بقدرتهِ للعرشِ ولحملةِ العرشِ (?).

32 - إنَّ الله غنيٌّ عنْ كلِّ ما سواهُ، وكلُّ ما سواهُ فقيرٌ إليهِ منْ كلِّ وجهٍ، فهو الصَّمدُ المستغني عنْ كلِّ شيءٍ، وكلُّ شيءٍ مفتقرٌ إليهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015