وأمَّا منْ فسَّرَ قوله: «أنَّهُ ليسَ في السَّماءِ» بمعنى: أنَّهُ ليسَ فوقَ العرشِ (?) شيءٌ أصلًا، ولا فوقَ السَّمواتِ إلَّا عدمٌ محضٌ، وليسَ هناكَ إلهٌ يعبدُ، ولا ربٌّ يُدْعى ويسألُ، ولا خالقٌ خلقَ الخلائقَ، ولا عرجَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى ربِّهِ أصلًا (?)، فهؤلاءِ هم الجهميَّةُ الضُّلَّالُ المخالفونَ لإجْماعِ الأنبياءِ ولفطْرةِ العقلاءِ (?).
30 - مَنِ اعتقدَ أنَّ اللهَ في داخلِ المخلوقاتِ تحويهِ المصنوعاتُ، وتحصرهُ السَّماواتُ، ويكونُ بعضُ المخلوقاتِ فوقهُ، وبعضُهَا تحتهُ، فهذا مبتدعٌ ضالٌّ.
وإنْ كانَ يعتقدُ أنَّ الله يفتقرُ إلى شيءٍ يحملهُ - إلى العرشِ، أو غيرهِ - فهوَ أيضًا مبتدعٌ ضالٌّ.
وكذلكَ إنْ جعلَ صفاتِ الله مثلَ صفاتِ المخلوقينَ، فيقولُ: استواءُ الله كاستواءِ المخلوقِ، أو نزولهُ كنزولِ المخلوقِ، ونحو ذلكَ، فهذا مبتدعٌ ضالٌّ؛ فإنَّ الكتابَ والسنَّة مَعَ العقلِ دلَّتْ على أنَّ الله لا تماثلهُ المخلوقاتُ في شيءٍ مِنَ الأشياءِ، ودلَّتْ على أنَّ الله غنيٌّ عنْ كلِّ شيءٍ، ودلَّتْ على أنَّ الله مباينٌ للمخلوقاتِ عالٍ عليها.