وقدْ جعلَ تعالى العالمَ طبقاتٍ، ولمْ يجعلْ أعلاهُ مفتقرًا إلى أسفله، فالسَّماءُ لا تفتقرُ إلى الهواءِ، والهواءُ لا يفتقرُ إلى الأرضِ. فالعليُّ الأعلى ربُّ السَّماواتِ والأرضِ وما بينهما - الذي وصفَ نفسهُ بقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *} [الزمر: 67]- أجلُّ وأعظمُ وأغنى وأعلى مِنْ أنْ يفتقرَ إلى شيءٍ بحملٍ أو غيرِ حملٍ، بلْ هوَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ لهُ كفوًا أحد، الذي كلُّ ما سواهُ مفتقرٌ إليهِ، وهوَ مستغنٍ عنْ كلِّ ما سواه (?).
17 - إنَّ الله تعالى فوقَ عرشهِ على الوجهِ الذي يليقُ بجلالهِ، ولا أقولُ فوقَهُ كالمخلوقِ على المخلوقِ كمَا تقولهُ المشبِّهةُ، ولا يقالُ أنَّهُ لا فوقَ السَّماواتِ ولا على العرشِ ربٌّ كما تقولهُ المعطِّلةُ الجهميَّةُ، بلْ يقالُ أنَّهُ فوقَ سماواتهِ على عرشهِ بائنٌ من خلقهِ (?).