واللهُ تعالى يحملُ العرشَ وحملتهُ بقدرتهِ، ويمسكُ السماواتِ والأرضَ أنْ تزولا. فمنْ ظنَّ أنَّ قولَ الأئمَّةِ: إنَّ الله مستوٍ على عرشهِ حقيقةً يقتضي أنْ يكونَ استواؤهُ مثلَ استواءِ العبدِ على الفلكِ والأنعامِ، لزمهُ أنْ يكونَ قولُهم: إنَّ الله لهُ علمٌ حقيقةً، وسمعٌ حقيقةً، وبصرٌ حقيقةً، وكلامٌ حقيقةً، يقتضي أنْ يكونَ علمهُ وسمعهُ وبصرهُ وكلامهُ مثلَ المخلوقينَ وسمعهمْ وبصرهمْ وكلامهمْ (?).
15 - مَنْ قالَ: إنَّ عِلْمَ الله كعلمي، أو قدرتهُ كقدرتي، أو كلامهُ مثلُ كلامي، أو إرادتهُ ومحبتهُ ورضاهُ وغضبهُ مثلُ إرادتي ومحبتي ورضائي وغضبي، أو استواؤهُ على العرشِ كاستوائي، أو نزولُه كنزولي، أو إتيانُه كإتياني، ونحو ذلكَ، فهذا قدْ شبَّه الله ومثَّلهُ بخلقهِ، تعالى الله عمَّا يقولونَ، وهوَ ضالٌّ خبيثٌ مبطلٌ، بلْ كافرٌ.
ومنْ قال: إنَّ الله ليس له علمٌ، ولا قدرةٌ ولا كلامٌ، ولا مشيئةٌ، ولا سمعٌ ولا بصرٌ، ولا محبةٌ ولا رضى، ولا غضبٌ، ولا استواءٌ، ولا إتيانٌ ولا نزولٌ فقد عطَّلَ أسماءَ الله الحسنى وصفاتِهِ العلى، وألحدَ في أسماءِ الله وآياته وهو ضالٌّ خبيثٌ مبطلٌ بلْ كافرٌ (?).
16 - وهوَ سبحانهُ فوقَ سماواتهِ على عرشهِ بائنٌ منْ خلقهِ ليسَ في مخلوقاتهِ شيءٌ منْ ذاتهِ ولا في ذاتهِ شيءٌ منْ مخلوقاتهِ. وهو سبحانهُ غنيٌّ عنِ العرشِ وعَنْ سائرِ المخلوقاتِ لا يفتقرُ إلى شيءٍ مِنْ مخلوقاتهِ، بلْ هوَ الحاملُ بقدرتهِ العرشَ وحملةَ العرشِ.