قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: «ليسَ في القرآنِ ولا في السنَّةِ لفظُ نزولٍ إلَّا وفيهِ معنى النزولِ المعروفِ -[أي الهبوطُ والدنو منْ علوٍّ]- وهذا هوَ اللائقُ بالقرآنِ، فإنَّه نزلَ بلغةِ العربِ، ولا تعرفُ العربُ نزولًا إلَّا بهذا المعنى، ولو أريدَ غيرُ هذا المعنى لكانَ خطابًا بغيرِ لغتها» (?).

الوجهُ الثاني:

أنَّهُ لَوْ عرفَ استعمالُ لفظِ النزولِ في غيرِ معناه المعروف لغةً مع وجودِ قرينةٍ تصرفهُ لمْ يكنْ موجبًا لإخراجِ اللَّفظِ عنْ حقيقتهِ حيثُ لا قرينة.

الوجهُ الثالثُ:

أنَّ قولَهُ: معلومٌ أنَّ الحديدَ لم ينزلْ جُرْمُهُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرضِ، وكذلكَ الأنعامُ، يقالُ لهُ: أينَ الدليلُ على ذلكَ؟

الوجهُ الرابعُ:

ليسَ هناكَ ما يمنعُ أصلَ نزولِ الأنعامِ، خاصَّةً وأنَّ أصلَ الإنسانِ وهو آدمُ عليه السلام نزلَ من علوٍّ إلى أسفلَ كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: 123] فالمدَّعي أنَّ الحديدَ لم ينزلْ من السَّمَاء ليسَ معهُ مَا يبطلُ ذلكَ.

الوجهُ الخامسُ:

أنَّ الله سبحانه وتعالى لمْ يقلْ: أنزلنا الحديدَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلاَ قَالَ: وأنزلَ لكمْ مِنَ الأنعامِ ثمانيةَ أزواجٍ مِنَ السَّمَاء، فقولهم: معلومٌ أنَّ الحديدَ والأنعامَ لم ينزلْ مِنَ السَّمَاء إلى الأرضِ لا يُخرِجُ لفظةَ النُّزولِ عنْ حقيقتِهَا إذ عَدَمُ النُّزولِ مِنْ مكانٍ معيَّنٍ لا يستلزمُ عدمهُ مطلقًا.

الوجهُ السادسُ:

أنَّ الحديدَ إنَّما يكونُ فِي المعادنِ التي فِي الجبالِ وهي عاليةٌ عَلَى الأرضِ. «فالحديدُ ينزلهُ الله منْ معادنهِ التي في الجبالِ لينتفعَ بهِ بنو آدم» (?).

الوجهُ السابعُ:

أنَّ الله سبحانهُ ذكرَ الإنزالَ عَلَى ثلاثِ درجاتٍ:

أ - إنزالٌ مطلقٌ كقولهِ: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015