وَفِي الصَّحيحَيْنِ أَيْضًا إقْرَارُ نَبِيِّنَا ... مُصَدِّقًا لِقَوْل الْحَبْرِ وَالنَّبيُّ يَسْمَعُ
يَجْعَلُ اللهُ السَّمَوَاتِ على أَصْبُعٍ ... واْلأَرضِيْنَ على أصبُعٍ والمَاء يَحمله أصْبُعُ
والشَّجر على أصْبُعَ وَالثَّرىَ عَلَى أَصْبُعٍ ... وَسَائر الْخَلْقِ تَحْمِلْهَا أَصْبُعُ
ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ عَزَّ وَجَلَّ قَائِلًا ... أَنَا الْمَلِكُ يُكَرِّرُهَا فَبالْحَقِّ فَاقْنَعُوْا
قَالوُا ضِحْكُ النَّبِيِّ مِنْهُ تَعَجُّبًا ... وَلَيْسَ تَصْدِيقًا لِلْحَبْرِ قلنا لَهُمُ اسْمَعُوْا
هَلْ يُقِرُّه المُصْطَفَى عَلَى مَقَالٍ مُخَالِفٍ ... هذَا مُحالٌ حَيْثُ الإِقْرارُ مِنْهُ سُنَّةٌ تُتْبَعُ
بَلْ أَيَّد قَوْلَ الْحَبْرِ مُصَدِّقًا لِمَقَالِه ... بِتِلاوَةِ آيَةٍ تُطابِقُ قَوْلَ الحبْرِ تَصْدَعُ
فهذِه أَدِلَّةُ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةٍ ... عَلَى مُرَادِ ظَاهِرِ لَفْظِهَا دَلاَلَةً تَقْطَعُ
بِلاَ تَشْبيهٍ لَهَا قَطْعًا وَلاَ نُكَيِّفُهَا ... بَلْنَنْتَهِي حَيْثُ انْتَهَى الْوَحْيَان بِنَا وَنَقْنَعُ (?)
فقد تبيَّنَ بهذا أنَّ السَّمواتِ والأرضَ وما بينهما بالنسبةِ إلى عظمةِ الله تعالى أصغرُ منْ أنْ تكونَ مع قبضهِ لها إلَّا كالشيءِ الصغيرِ في يدِ أحدنَا، حتَّى يدحوها كما تُدحى الكرة (?).
والمقصودُ أنَّه إذا كانَ اللهُ أعظمَ وأكبرَ وأجلَّ منْ أن يُقدِّرَ العبادُ قدرهُ، أو تدركهُ أبصارهمْ، أو يحيطونَ به علمًا، وأمكنَ أن تكونَ السماواتُ والأرضُ في قبضتهِ لم يجبْ - والحالُ هذهِ - أنْ يكونَ تحتَ العالمِ، أو تحتَ شيءٍ منهُ، فإنَّ الواحدَ مِنَ الآدميينَ إذا قبضَ قبضةً أو بندقةً أو حمصةً أو حبَّةَ خردلٍ، وأحاطَ بها، لم يجزْ أنْ يُقالَ: إنَّ أحدَ جانبيها فوقهُ.