والسَّلفُ والأئمَّةُ وسائرُ علماءِ السُّنَّةِ إذا قالوا: «اللهُ في السَّمَاءِ»، فالمرادُ بالسَّماءِ ما فوقَ المخلوقاتِ كلِّها، والمعنى: أنَّ اللهَ في العلوِّ لا في السُّفلِ، وهوَ العليُّ الأعلى، فله أعْلى العلوِّ، وهوَ مَا فوقَ العرشِ، وليسَ هناكَ غيرهُ - العليُّ الأعلى سبحانه وتعالى - «لا يقولونَ إنَّ هناك شيئًا يحويهِ أو يحصرهُ، أو يكونُ محلًا لهُ أو ظرفًا ووعاءً سبحانه وتعالى عنْ ذلكَ بلْ هوَ فوقَ كلِّ شيءٍ، وهو مستغنٍ عنْ كلِّ شيءٍ وكلُّ شيءٍ مفتقرٌ إليهِ، وهو عالٍ على كلِّ شيءٍ، وهو الحاملُ للعرشِ ولحملةِ العرشِ بقوَّتهِ وقدرتهِ، وكلُّ مخلوقٍ مفتقرٌ إليه وهو غنيٌّ عَنِ العرشِ وعنْ كلِّ مخلوقٍ» (?). فأمَّا أنْ يكونَ في جوفِ السمواتِ فليسَ هذا قولُ أهلِ الإثباتِ، أهلِ العلمِ والسنَّةِ، ومنْ قالَ بذلكَ فهو جاهلٌ، كمنْ يقولُ: إنَّ اللهَ ينزلُ ويبقى العرشُ فوقَهُ، أو يقولُ: إنَّهُ يحصرهُ شيءٌ منْ مخلوقاتهِ، فهؤلاءِ ضُلَّالٌ: كما أنَّ أهلَ النَّفيِ ضُلَّالٌ (?).
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة رحمه الله: وليس معنى قولهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4] أنَّهُ مختلطٌ بالخلقِ؛ فإنَّ هذا لا توجبهُ اللُّغةُ، وهو خلافُ ما أجمعَ عليهِ سلفُ الأمَّةِ، وخلافُ ما فطرَ الله عليهِ الخلقَ، بلِ القمرُ آيةٌ منْ آياتِ الله منْ أصغرِ مخلوقاتهِ، وهوَ موضوعٌ في السَّماء، وهوَ مَعَ المسافرِ وغيرِ المسافرِ أينمَا كانَ.
وهوَ سبحانهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، رقيبٌ على خلقهِ، مهيمنٌ عليهمْ، مطَّلعٌ عليهم ... إلى غيرِ ذلكَ منْ معاني ربوبِيَّتهِ.