فإنْ كانَ نفيُ ذلكَ هو الحقَّ، فمعلومٌ أنَّ القرآنَ لم يبيِّن هَذَا قطُّ - لا نصًّا وَلاَ ظاهرًا - وَلاَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ أحدٌ مِنَ الصَّحابةِ - الذينَ كانوا أعمقَ النَّاس علمًا، وأنصحَهم للأمَّةِ، وأبينَهم للسنَّةِ - والتابعينَ وأئمةِ المسلمينَ؛ لا أئمَّةُ المذاهبِ الأربعةِ، وَلاَ غيرهم، وَلاَ يمكنُ أحدٌ أن ينقلَ عنْ واحدٍ من هؤلاءِ أنَّه نفى ذلكَ أو أخبرَ بهِ. وأمَّا مَا نُقِلَ من الإثباتِ عنْ هؤلاءِ: فأكثرُ منْ أنْ يحصى أو يحصرَ.
فإنْ كان الحقُّ هو النفيَ دونَ الإثباتِ، لزمَ منْ ذلكَ لوازمُ باطلة:
(الأولى): أنْ لا يُسْتفادَ منْ خبرِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الله في هذا البابِ علمٌ ولا هدًى ولا بيانٌ للحقِّ في نفسهِ. فعندَ النُّفاةِ كلامُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا البابِ لا يشفي عليلًا، ولا يروي غليلًا، ولا يبيِّنُ الحقَّ مِنَ الباطلِ ولا الهدى مِنَ الضَّلالِ.
(الثانيةُ): القَدْحُ في علمهِ ومعْرفتهِ، أو في فصاحتهِ وبيانهِ، أو في نصْحهِ وإرادتهِ.
(الثالثةُ): أنْ يكونَ المعطِّلةُ النُّفاةُ أعْلمَ باللهِ منهُ، أو أفْصحَ أو أنْصحَ.