الدَّلِيلُ مِنَ الفِطْرَةِ

إنَّ عُلُوَّه «سبحانه وتعالى على العالمِ وأنَّهُ فوقَ السَّماواتِ كلِّها وأنَّهُ فوقَ عَرْشِهِ أمرٌ مُسْتَقِرٌ في فِطَرِ العبادِ معلومٌ لهم بالضَّرورةِ كمَا اتَّفقَ عليهِ جميعُ الأممِ إقرارًا بذلكَ وتصديقًا منْ غيرِ تَوَاطئٍ منهم على ذلكَ ولا تشاعرٍ، وهم يخبرونَ عنْ أنفسهم أنَّهم مضطَّرون إلى توجيهِ قلوبهم إلى العلوِّ كما أنَّهم مضطَّرونَ إلى دعائهِ وقصدهِ وسؤالهِ كما أنَّهم يضطَّرونَ إلى الإقرارِ بهِ وأنَّهُ ربُّهم وخالقهم ومليكهم ولا يجدون فرقًا بينَ هذا الاضطِّرارِ وهذا، فكما لا تتوجَّهُ قلوبهم إلى ربٍّ غيرهِ ولا إلى إلهٍ سواهُ فكذلكَ لا يجدونَ في قلوبهم توجُّهًا إلى جهةٍ أخرى غيرِ العلوِّ، بلْ يجدونَ قلوبهم مضطرةً إلى قصدِ جهةِ العلوِّ دونَ سائرِ الجهاتِ وهذا يتضمَّنُ اضطرارهم إلى قصدهِ سبحانهُ في العلوِّ، وإقرارهم وإيمانهم بذلكَ» (?) إلَّا مَنِ اجتالتهُ الشياطينُ فأخرجتهُ عنْ فطرتهِ التي فُطِرَ عليها (?).

قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله:

وإليْهِ أيدِي السَّائِلينَ تَوجَّهَتْ ... نَحْوَ العُلُوِّ بِفِطْرَةِ الرَّحْمَنِ

وإليْه آمالُ العِبَادِ توجَّهَتْ ... نَحْوَ العُلُوِّ بِلاَ تَواصٍ ثَانِ

بَلْ فِطْرةُ اللهِ التيِ لَمْ يُفْطرُوا ... إلَّا عَلَيْهَا الخلْقُ والثَّقَلاَنِ

ونَظِيرُ هَذَا أنَّهُمْ فُطِرُوا عَلَى ... إقرَارِهِمْ لاَ شَكَّ بالدَّيَّانِ

لَكِنْ أولُو التعْطِيلِ مِنْهُمْ أصْبَحُوا ... مَرْضَى بدَاءِ الجَهْلِ والخُذْلاَنِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015