ومنْ تدبَّرَ كلامَ أئمَّةِ السنَّةِ المشاهيرِ في هذا البابِ علمَ أنَّهم كانوا أدقَّ النَّاسِ نظرًا، وأعلمَ النَّاسِ في هذا البابِ بصحيحِ المنقولِ وصريحِ المعقولِ، وأنَّ أقوالهم هي الموافقةُ للمنصوصِ والمعقولِ، ولهذا تأتلفُ ولا تختلفُ، وتتوافقُ ولا تتناقضُ.
والذينَ خالفوهم لم يفهموا حقيقةَ أقوال السَّلفِ والأئمةِ، فلمْ يعرفوا حقيقةَ المنصوصِ والمعقولِ، فتشعَّبتْ بهم الطرقُ، وصاروا مختلفينَ في الكتابِ، مخالفينَ للكتابِ وقدْ قال تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقِ بَعِيدٍ} [البقرة: 176] (?).
وقدْ طوَّلنا في هذا المكان، ولو ذكرنا كلَّ منْ لهُ كلامٌ في إثباتِ علوِّ الله على العرشِ مِنَ الأئمةِ لاتسعَ الخرقُ، وإذا كان المخالفُ لا يهتدي بمن ذكرنا فلا هداه الله. ولا خيرَ - والله - فيمن ردَّ على الأئمةِ المذكورين الذين هم لُبُّ اللُّبَابِ ونقاوةُ الأمَّةِ في كلِّ عصرٍ، وهو مُتَّبِعٌ غيرَ سبيلِ المؤمنينَ (?).