منشأ الغلط عند أهل السماع

وإلى مثل هذا أشار الإمام أحمد في الإباحة، قال أبو حامد الخلقاني: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله! هذه القصائد الرقاق التي في ذكر الجنة والنار، أي شيء تقول فيها؟ فقال: مثل أي شيء؟ قلتُ: يقولون:

إذا ما قال لي ربي ... أما استحييتَ تعصيني

وتُخفِي الذنبَ من خَلْقِي ... وبالعصيان تَأتيني

فقال: أعِدْ عليَّ، فأعدتُ عليه، فقام ودخل بيته وردَّ الباب، فسمعت نحيبَه من داخلٍ، وهو يردِّدُ البيتين (?).

وأمثال هذه الأشعار التي تتضمن إثارةً في القلب من الحب والخوف والرجاء والطلب والأنس والشوق والقرب وتوابعها، فصادف سماع هذه الأشعار من قلوبهم حبًّا وطلبًا، فأثاره إثارةً ممتزجة بحظ النفس، وهو نصيبها من اللذة والطرب الذي يُحدِثه السماع، فيظن تلك اللذة والطرب زيادةً في صلاح القلب وإيمانه وحاله الذي يُقرِّبه إلى الله، وهو محضُ حظِّ النفس.

فهذا منشأ الغلط الذي عرضَ للقوم، كما سيأتي تقريره وبسطُه إن شاء الله، وهذا هو الذي أنكره العارفون من القوم، وتاب منه مَن تاب منهم، وحذَّروا منه، وقالوا: إن مضرته للقلب أكثر من نفعه، وإفساده له أكثر من صلاحه. وسيأتي عن قربٍ إن شاء الله تقريرُ هذا بحكم (?) الذوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015