والوجد.
الوجه الثاني من الجواب: أن هذا السماع وإن كان قد حضره وفعله مَن لا نشك في دينه وصدقه وصلاحه، فقد أنكره مَن هو أفضل منهم عند الأمة، وأعلى شأنًا، وأصدق حالًا، وأعرف بالله وبأمره، فإن كان قد حضره وفعله مائةُ وليٍّ لله، فقد أنكر عليهم أكثر من ألف ولي لله، وإن كان قد حضره أبو بكر الشبلي، فقد غاب عنه أبو بكر الصديق، وإن كان قد حضره يوسف بن الحسين الرازي، فلم يحضره الفاروق الذي فرّق الله به بين الحق والباطل عمر بن الخطاب، وإن كان قد حضره النوري فقد غاب عنه ذو النورين عثمان بن عفان، وإن كان قد شهده ذو النون المصري فلم يشهده علي بن أبي طالب الهاشمي، وإن كان قد حضره سيد الطائفة أبو القاسم الجنيد فقد صح عنه أنه تاب عنه وتركه قبل وفاته.
وإن كان قد فعله أضعافُ أضعافِ هؤلاء، فقد غاب عنه المهاجرون والأنصار كلهم، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، وجميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان، وجميع أئمة الفقه والإفتاء، وجميع أئمة الحديث والسنة، وجميع أئمة التفسير، وجميع أئمة القراءة، وجميع أئمة الجرح والتعديل الذابِّين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودينه، فمَنِ الناسُ إلا أولئك؟
فأيُّ فريقَيْنَا أحقُّ بأَمْنِهِ ... إذا بعثَ الله العبادَ ويَجمَعُ (?)