يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 193 - 194]. أجابوا مناديَ الإيمان إذ ناداهم: حيَّ على الفلاح، وواصلوا السيرَ إليه مع الدليل بالغُدوِّ والرَّواح، وفَنُوا بمراده عن مرادهم، فبذلوا أنفسَهم في مرضاته بَذْلَ المحبِّ بالرضا والسماح، وسيَحْمدون عند اللقاء مَسْرَاهم، فإنما يَحمَدُ القومُ السُّرَى عند الصباح (?).
وأهل الغناء ناداهم منادي الشيطان: حيَّ على رُقيةِ الزنا ورائدِ الفسوق والعصيان، فأجابوه بلبَّيكَ داعيَ الشهوات وسَمْسَارَ اللذات! ها نحن لدعوتك مستجيبون، وفي مرضاتك مسارعون، نحن قوم ندورُ حولَ قُطبِ رَحَا الطيبات، ونقطع هذه الأوقات بما يناسب الأوقات، إذا أبدَتْ لنا الطيباتُ ناجذَها طِرْنا إليها زَرافاتٍ ووُحدانًا (?)، فإذا لاح لنا وجهُ الشاهد انقادت له قلوبنا محبةً وإذعانا، فما لنا ولثقيل الدم كثيف الطباع؟ يأمر بالاشتغال بالتلاوة والتسبيح وأوراد العبادة، وينهانا عن السماع، كأنه ما سمع قول شاعرنا:
يا عاذلي أنت تنهاني وتأمرُني ... والوجدُ أصدقُ نهَّاءٍ وأَمَّارِ