سماعًا وتلاوةً ازداد فيه ذوقًا وحلاوة، وكلما قطع عَلَمًا من أعلامه بَدَا له عَلَمٌ آخر إلى غير نهاية.
فيَسمعُه والقلبُ قد زادَ شوقُه ... يقول أَهَلْ بعد السماع تَدَاني
فيشرب منه القلبُ معناه ظَامِئًا ... فيا عُظْمَ ما يَلْقَى من الهَيَمانِ
فيذكر شيئًا قاله بعضُ من خلا ... تمَالَا عليه القلبُ والأُذنانِ
كأن رقيبًا منك يَرعَى خواطرِي ... وآخرَ يَرعَى مقلتي ولساني
فما نظرتْ عينايَ بعدَكَ منظرًا ... من الحسن إلا قلتُ قد رَمَقَانى
ولا سمعتْ أُذْنايَ بعدك مسمعًا ... من القولِ إلا أمسكا بعِناني (?)
فصل
وأما قوله: "السماع نداء والوجد قصد" فهذا الكلام مطلق مجمل، فإنَّ المستمع يناديه ما يسمعه بحقٍّ تارةً وبباطلٍ أخرى، والواجد قاصد مجيبٌ للمنادي الذي قد يدعو إلى حق، وقد يدعو إلى باطل، فإنَّ الواجد يجد في نفسه إرادةً وقصدًا للإجابة لمن ناداه، إلى (?) ما تدعوه نفسه إليه، فأهل الوجد والقصد الصحيح قالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا