بالعبرة".

قيل: الإشارة هي الاعتبار والقياس، بأن يجعل المعنى الذي في القول مثلًا مضروبًا لمعنى حقٍّ يناسب حال المستمع، ولهذا قال: "باطنه عبرة" أي يعتبر به، ولكن من أين لهذا القائل أن كل ما أمكن أن يعتبر به الإنسان يكون حلالًا؟ فإن الاعتبار قد يكون بما يسمع ويرى من المحرمات، فهل يحلُّ لأجل أن يعتبر أن يقصد النظر إلى الصور المبتدعة بالجمال التي حرم الله النظر إليها؟ ويقول: نظري إليها عبرةٌ أعبرُ منها إلى ما أعدّ الله لعباده في جنته! كما قال القائل:

وإذا رآك العابدونَ تيقَّنُوا ... حُورَ الجِنانِ لدى النعيمِ الخالدِ (?)

ويسمع الأصوات اللذيذة المحرمة، ويقول: هي عبرة! إلى أمثال ذلك.

فصل

وأمّا قول القائل: "لا يصلح السماع إلا لمن كانت له نفس ميتة وقلب حي"، فيقال له: أيَّ السماعين تعني؟ سماع الآيات أو سماع الغناء والأبيات؟ فإن أردتَ السماع الأول فهو سماعُ (?) أحياءِ القلوب، وأمّا أموات القلوب فلا نصيبَ لهم من هذا السماع، قال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النمل: 80]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015