فهذه الآثار التي ذكرتموها وأكثر منها إنما تدل على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، ومن نازع في هذا فالاستدلال بها على تحسين الصوت بالغناء الذي هو قرآن الشيطان ومادة النفاق ورقية الفواحش أفسدُ من قياس الربا على البيع، فإن بين الغناء والقرآن من التباين أعظمَ مما بين البيع والربا، ومما بين النكاح والسفاح، ومما بين الشراب الحلال والشراب الحرام، فأين سماع المكاء والتصدية الذي ذمه الله في كتابه، وأخبر أنه سماع المشركين، من (?) سماع أنبيائه ورسله وأوليائه وحزبه المفلحين؟

وأين سماع المخانيث والقَيْنات والفساق والمغنين من سماع الخلفاء الراشدين والمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؟ واقتفَوا طريقتَهم المثلى وسبيلَهم الأقوم، وسلكوا منهاجهم الواضح.

وكيف يقاس مؤذنُ الشيطان الداعي بحيَّ على غير الفلاح، على مؤذن الرحمن الداعي إلى السعادة والنجاح؟

وقد تقدم ذكر الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان قال: يا ربِّ اجعلْ لي قرآنًا، قال: قرآنُك الشعر، قال: اجعلْ لي مؤذنًا، قال: مؤذنك المزمار (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015