سبحانه بين المتشاكلين، ومَن لم يكن له نصيبٌ منها لم يكَدْ ينتفع بنفسه ولا بغيره.
وأنت إذا تأملتَ العالم فقلَّ أن ترى خَلْقًا مشوَّهًا إلّا وثَمَّ خُلُق قبيح وفعلٌ يناسبه وقول يناسبه، اللهم إلا لمعارضٍ من تأدُّبٍ وتعلُّمٍ يُخرِجه من مقتضى طبعه، كما يحصل لكثير من الحيوان البهيم من التعليم والتأديب والتمرين ما يخرجه عن مقتضى طباعه، وقلَّ أن ترى خَلْقًا جميلًا إلا وثمَّ خُلُق وفعل وقول يناسبه، اللهم إلا لمعارضِ سوءٍ أخرجه عن مقتضى طبعه، كالطفل الذي وُلد على الفطرة، فلو خُليِّ لما نشأ إلّا على فطرة الإسلام، لكنَّ معارضَ الكفر أخرجه عن فطرته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن الله جميلٌ يحب الجمال (?)، للفرق بين الكِبْر الذي يُبغِضه الله وأنه ليس من الجمال، وبين الجمال الذي يحبه، فإنه لما قال: "لا يدخل الجنةَ من في قلبه مثقالُ ذرة من كِبْر". قالوا: يا رسول الله! الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنًا، أفمن الكِبْر ذلك؟ فقال: "لا، إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس" (?). فأخبر أن تحسين الثوب والنعل قد يكون من الجمال الذي يحبه الله، كما قال تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
فإذا كان الظاهر جميلًا والباطن جميلًا أحبه الله، وإذا كان الباطن