في الوجه يراها أصحاب الفراسة، ثم يقوى حتى يظهر لجمهور الناس، ثم يقوى حتى يُمسَخ الوجه على طبيعة الحيوان الذي هو على خلقه من قردٍ أو خنزيرٍ، كما جرى على كثير من الأمم قبلنا، ويجري على بعض هذه الأمة، كما وعد به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى.
فصل
وأهل جمال الصور يُبتلَون بالفاحشة كثيرًا، واسمها ضدّ الجمال، فإن الله سماها فاحشة وسُوءًا وفسادًا وخبثًا وشبهةً وإجرامًا، وهذه الأشياء ضدُّ الجمال، فعُلِم أن الجمال الذي يحبه الله ليس جمالَ الصورة، فإن الله لا ينظر إلى مجرد الصورة، فكيف يكون محبوبًا له؟ والجمال منه ما يحبه الله ومنه ما يبغضه، فإن الله يُبغِض التجمل بلباس الحرير والذهب، ويُبغِض التجمل بلباس الخيلاء وإن كان ذلك جمالًا. فالجمال ثلاثة أنواع:
جمالٌ خالٍ عن معارضة مفسدة، فهذا يحبه الله.
وجمال مشتمل على مفسدة مبغوضة لله، فهذا يكرهه الله.
وجمال فيه شائبة من هذا وهذا، فهذا يكرهه الله من وجه ويحبه من وجه.
هذا إذا كان جمالًا كسبيًّا، وأمّا إن كان جمالًا خلقيًّا لا يتعلق بكسب العبد، فهذا لا يتعلق به ثواب ولا عقاب ولا مدح ولا ذم ولا حب ولا بغض، إلا إذا استعان به على ما يحبه الله أو يكرهه كما تقدم،