قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" إما أن يريد به الحض على أصل الفعل أو على صفته، وقد يصح أن يرادا معا

قول صاحب الغناء: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوتين: صوت ويل عند مصيبة، وصوت مزمار عند نعمة، ومفهوم الخطاب يقتضي إباحة غيرهما في غير هاتين الحالتين

فصل

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن" إما أن يريد به الحضّ (?) على أصل الفعل، وهو نفس التغني به، أو على صفته وهو أن يكون تَغنِّيه إذا تغنَّى به لا بغيره. وهذا نظير ما حُمِل عليه قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، هل هو أمر بأصل الحكم أو بصفته إذا حَكَم؟ فيه قولان. ونظيرهُ أمره - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء في السجود، هل هو أمر بأصل الدعاء؟ أو المعنى: إذا دعوتم فاجعلوا دعاءكم في السجود، فإنَّه قَمنٌ أن يُستجاب لكم (?).

فقوله: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن"، إن أريد به الحضّ على نفس الفعل كان ذمًّا لمن ترك التغني به، وإن أريد به المعنى الثاني، وهو أنَّه إذا تغنى فليتغنَّ بالقرآن، كان ذمًّا لمن تغنَّى بغيره، لا لمن ترك التغني به، وبين المعنيين فرق ظاهر، وقد يصح أن يُرادَا معًا، وأنَّه ذمّ من ترك التغني به ومن تغنَّى بغيره. والله أعلم.

فصل

* قال صاحب الغناء (?): صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "صوتان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015