تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما

وتقليلها، فهي تُحصِّلُ أعظمَ المصلحتين بتفويت أدناهما، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، فإذا وُصِف العمل بما فيه من الفساد مثل كونه من عمل الشيطان، لم يمنع ذلك أن يُدفَع به مفسدة شرٌّ منه وأكبر وأحب إلى الشيطان منه، فيُدفَع بما يحبه الشيطان ما هو أحب إليه منه، ويُحتَمل ما يبغضه الرحمن لدفع ما هو أبغض إليه منه، ويُفوَّت ما يحبه لتحصيل ما هو أحبُّ إليه منه.

وهذه أصولٌ مَنْ رُزِقَ فهمَها والعملَ بها فهو من العالمين بالله وبأمره.

ولا ريب أن الشيطان موكَّلٌ ببني آدم، يجري منهم مجرى الدم، وقد أُعِين بما رُكِّب في نفوسهم وجُبِلَتْ عليه طباعُهم وامتُحِنوا به من أسباب الشهوة والغضب، فلا يمكن حفظُ مَن هذا شأنه مع عدوه، من كل ما للشيطان فيه نصيبٌ، وهو له حظ في كل أعمال العبد، حتى في صلاته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجعل أحدكم للشيطان حظًّا من صلاته، يرى أن حقّا عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه" (?). فإذا كان هذا القدر من حظ الشيطان في صلاة العبد، فما الظن بما هو أعظم من ذلك وأكبر. وسُئِل - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اختلاس يَختلِسُه الشيطان من صلاة العبد" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015