وإذا لم يمكن حِفظُ العبد نفسَه من جميع حظوظ الشيطان منه، كان من معرفته وفقهه وتمام توفيقه أن يدفع حظَّه الكبير بإعطائه حظَّه الحقير، إذا لم يمكن حرمانُه الحظَّين كليهما، فإذا أُعطِيَتِ النفوسُ الضعيفة حظًّا يسيرًا من حظِّها يُستَجلبُ به من استجابتها وانقيادها خير كبير، ويُدفَع به عنها شر كبير أكبر من ذلك الحظ = كان هذا عينَ مصلحتِها، والنظر لها والشفقة عليها.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسرِّبُ الجواري إلى عند عائشة يلعبن معها (?)، ويمكِّنها من اتخاذ اللُّعب التي هي في صور خيل بأجنحة وغيرها (?)، ويُمكِّنها من النظر إلى لعب الحبشة (?). وكان مرة بين أصحابه في السفر، فأمرهم فتقدموا، ثم سابقها فسبقَتْه، ثم فعل ذلك مرة أخرى، فسابقها فسبقها، فقال: "هذه بتلك" (?). واحتمل - صلى الله عليه وسلم - ضرب المرأة التي نذرت إن نجَّاه الله أن تضرب على رأسه بالدف (?)، لما في إعطائها ذلك الحظّ من فرحها به وسرورها بمَقْدمِه وسلامته، الذي هو زيادة في إيمانها ومحبتها لله ورسوله، وانبساط نفسها وانقيادها لما يأمر به من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015