الرخصة فيه للنساء والصبيان إذا خلا من الآلات المحرمة، وسبب ذلك

تقرِّب إلى الله، وتُنال بها كرامتُه؟ وأصحابه جلّت رتبتهم أن يسمعوه بنفوسهم، أو لأجل حظوظهم، هذا وكم بين المزمورين؟ فبينهما أبعد ما بين المشرقين.

ثم نحن نرخِّص في كثير من أنواع الغناء، مثل هذا، ومثل الغناء في النكاح للنساء والصبيان، إذا خلا من الآلات المحرمة، كما نرخص لهم في كثير من اللهو واللعب، وهذا نوع من أنواع اللعب المباح لبعض الناس في بعض الأوقات، فما له وللتقرب والتعبد به؟ واستنزال الأحوال الإيمانية والأذواق العرفانية والمواجيد القلبية به؟

ونظير هذا دخول عمر - رضي الله عنه - على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهروب النسوة اللاتي كنَّ يغنين لما رأينه، ووضعن دفوفهن تحتهن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما رآك الشيطان سالكا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجِّك" (?). فأخبر أن الشيطان هرب مع تلك النسوة، وهذا يدل على أن الشيطان حاضر مع أولئك النسوة، وهرب معهن. فقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - الصديق على أن الغناء مزمور الشيطان، وأخبر أن الشيطان فرَّ من عمر لما فر منه النسوة، فعُلِمَ أن هذا من الشيطان، وإن كان رُخِّصَ فيه لهؤلاء الضعفاء العقولِ من النساء والصبيان، لئلا يدعوهم الشيطان إلى ما يُفسِد عليهم دينَهم، إذ لا يمكن صرفُهم عن كل ما تتقاضاه الطباع من الباطل.

والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015