بطلان دعوى أن الحداء والغناء من جنس واحد

اللهمَّ لولا أنتَ ما اهتدَينا ... ولا تصدَّقْنا ولا صلَّينا

فأنزلَنْ سكينةً علينا ... وثبِّتِ الأقدامَ إن لاقَينا

إنّا إذا صِيْحَ بنا أَتَينا ... وبالصِّياح عوَّلوا عَلينا

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن هذا السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع، قال: يرحمه الله، قال رجل من القوم: وجبَتْ يا نبي الله، لولا أمتعتَنا به، وذكر الحديث. وذلك في غزوة خيبر.

وفي الصحيح (?) حديث أنجَشة الحبشي الذي كان يحدو بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رُويدَك يا أنجشةُ، سَوقَك بالقوارير" يعني النساء، أمره بالرفق بهن لئلا تُزعِجَهن الإبل في المسير إذا اشتدَّ سيرها، ولئلا ينزعجن بصوت الحادي، والحديث متفق عليه. فمن الذي حرَّم الحداء؟ حتى يحتجُّون عليه بفعله بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما قولكم: "إن الغناء إن لم يكنْه فهما رضيعَا لِبانٍ، وهما في بابهما أخوان" فمن أبطل الباطل، وهو من جنس استدلالكم على حل الغناء والسماع بسماع النبي - صلى الله عليه وسلم - الشعرَ واستنشاده له، وهل هذا إلا من أفسدِ القياس وأبطله؟ وإذا كان الأمر كما تقولون فلِمَ سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الحُداءَ والشعر؟ ولم يُنقل والعياذ بالله عن أحد منهم قطُّ استماعُ الغناء وحضوره وإقامته، فضلًا عن اتخاذه طاعة وقربة ودينًا! فقياس الغناء على الحداء من جنس قياس الرِّبَا على البيع، وقياس نكاح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015