فاقشعرَّ جلدُه من خشية الله إلا كانَ مثلُه كمثلِ شجرة قد يَبِسَ ورقُها، فهي كذلك إذ أصابتْها ريحٌ شديدة فتَحاتَّ عنها وَرقُها، إلا حُطَّ عنه خطاياه، كما تحَاتَّ عن تلك الشجرة ورقُها، وإنَّ اقتصادًا في سبيلٍ وسنة خيرٌ من اجتهادٍ في خلاف سبيل وسنة، فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادًا أو اقتصادًا، أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم.
وقال عبد الله بن مسعود (?): الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة.
وقيل لأبي بكر بن عياش (?): يا أبا بكر! من السُّنِّيّ؟ قال: الذي إذا ذُكِرت الأهواء لم يغضب لشيء منها.
وهذا أصل عظيم من أصول سبيل الله، والطريق الموصل إليه، يجب الاعتناء به، فإنَّ كثيرًا من الأفعال قد يكون مباحًا أو مكروهًا أو محرمًا، إما بالاتفاق، أو فيه نزاع بين العلماء، فيستحسنه طائفة من الناس ويفعلونه على أنَّه قربة وطاعة ودين يتقربون به إلى الله، حتى يعدُّون من يفعل ذلك أفضل ممن لا يفعله، وربما جعلوا ذلك من لوازم طريقهم إلى الله، أو جعلوه (?) شعارَ الصالحين وأولياء الله،