فصل: بطلان قول أهل السماع: إن السماع يحصل محبوب الله، وما حصل محبوب الله فهو محبوب له

ويكون ذلك خطأ وضلالًا، ودينًا مبتدعًا لم يأذن به الله.

مثال ذلك: حلق الرأس في غير الحج والعمرة من غير عذر، واختلف الناس في إباحته وكراهته على قولين، وهما روايتان عن أحمد، ولا خلاف بينهم أنه لا يُشرَع ولا يُستحَبّ، ولا هو قربة إلى الله، ومع هذا فقد اتخذه طوائف من النساك والفقراء دينًا، حتى جعلوه شعارًا وعلامة على الدين والنسك والخير، وجعلوه من تمام التوبة، حتى إنَّ من لم يفعل ذلك يكون منقوصًا خارجًا عن الطريق المفضلة المحمودة عندهم، ومن فعل ذلك دخل في هَدْيهم وطريقهم. وهذا خروج عن طريق الله وسبيله باتفاق المسلمين، واتخاذ ذلك دينًا وشعارًا لأهل الدين من أسباب تبديل الدين، فكما أنَّه لا حرامَ إلا ما حرَّمه الله، ولا واجبَ إلا ما أوجبه، فلا دين [إلَّا] ما شرعه، ولا مستحبَّ إلا ما أحبه.

فصل

الوجه الثاني: أنَّ قولهم: إنَّ هذا السماع يحصِّل محبوبَ الله، وما حصَّلَ محبوبَ الله فهو محبوب له = قول باطل، وهو منشأ الضلال في هذه المسألة، وأكثر المنحرفين في هذه المسألة حصل لهم الضلال والغيُّ من هذه الجهة، فظنوا أنَّ السماع يُثير محبة الله، ومحبة الله هي أصل الإيمان الذي هو عمل القلب، وبكمالها يكون كمال الإيمان. وأَبو طالب المكي جعلها نهاية المقامات (?)، وأَبو إسماعيل الأنصاري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015