فصل: الرد على احتجاجهم بأن سماع الشعر بالألحان مثل سماعه بغيرها

سماع الألحان مجردا عن الكلام يحتاج إلى إثبات إباحته

لو كان كل واحد من الشعر والتلحين مباحا لم يلزم من ذلك إباحتهما عند اجتماعهما

أمثلة مما يختلف حكمه عند الاجتماع والافتراق

فحسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيحه (?). وقال في التغبير: إنه من إحداث الزنادقة يَصُدُّون به الناس عن القرآن. فبيَّن -رحمه الله- أن إباحة أحدهما لا يستلزم إباحة الآخر.

فصل

إذا عُرِف هذا فقولك أيها السماعي: إذا جاز سماع الشعر بغير الألحان جاز سماعه بالألحان الطيبة، إذ لا يتغير الحكم بسماعه بالألحان = فحجة فاسدة جدًّا من وجوه، وهي لأن تكون حجة عليك أقرب من كونها حجة لك، فإن نفس سماع الألحان مجردًا عن كلام يحتاج إلى إثبات إباحته منفردًا، وهل هذا المورد الذي ينازعك فيه صاحب القرآن؟ ومن المعلوم أن أكثر المسلمين على خلاف قولك فيه، كما تقدم حكايته عن الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم.

الوجه الثاني: أنه لو كان كل واحد من الشعر والتلحين مباحًا بمفرده لم يلزم من ذلك إباحتهما عند اجتماعهما، فإن التركيب له خاصَّةٌ يتغير الحكم بها. وهذه الحجة بمنزلة حجة من قال: إن خبر الواحد إذا لم يُفِدِ العلم عند انفراده لم يُفِده مع انضمامه إلى غيره، وهي نظير ما يُحكى عن إياس بن معاوية أن رجلًا قال له: ما تقول في الماء؟ قال: حلال، قال: فالتمر؟ قال: حلال، قال: فالنبيذ ماء وتمر، فكيف تُحرِّمه؟ فقال له إياس: أرأيتَ لو ضربتُك بكفّ من تراب أكنتُ أقتلك؟ قال: لا. قال: فإن ضربتك بكفّ من تِبْنٍ أكنتُ أقتلك؟ قال: لا، [قال]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015