فإن ضربتك بماء أكنت أقتلك؟ قال: لا، قال: فإن أخذت الماء والتبن والتراب، فجعلته طينًا وتركته حتى يَجِفّ، وضربتك به أكنتُ أقتلك؟ قال: نعم. قال: كذلك النبيذ (?).
ومعنى كلامه أن المؤثر هو القوة الحاصلة بالتركيب، وكذلك المفسد للعقل هو القوة المسكرة الحاصلة بالتركيب. وما نحن فيه، الذي يُسكِر النفوس ويُلهِيها ويَصُدُّها عن ذكر الله وعن الصلاة، قوةٌ تحصل بالتركيب والهيئة الاجتماعية، وليست الأصوات المجتمعة في استفزازها للنفوس بمنزلة صوت واحدٍ، وكذلك ليس الصوت الملحن الذي يُوقَع به الغناء على توقيع معين وضرب معين لاسيما مع مساعدة آلات اللهو له، بمنزلة إنشاد الشعر إذا تجرد عن ذلك، وهل تَرُوجُ مثل هذه الشبهة إلا على ضعيف العلم والمعرفة ناقصِ الحظّ منهما جدًّا؟
الوجه الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ندب إلى تحسين الصوت بالقرآن وتزيينه به، واستمعه هو وأصحابه، فقال: "زِّينوا القرآنَ بأصواتكم" (?)، وقال: "ما أَذِنَ الله لشيء كأَذَنِه لنبيٍّ حَسنِ الصوت يتغنى بالقرآن" (?). وقال لأبي