وأجاز عليه، ونحو ذلك من الآثار التي سنذكرها، ونبين أن صحيحها لا يدل، وما هو صريح في الدلالة فكذِبٌ موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الشبهة التي فيه أن الروح متى سمعت ذكر المحبة والمحبوب والقرب منه ورضاه حرَّك ذلك لمن في قلبه شيء من المحبة الصادقة، وهذا أمرٌ لا يمكن دفعه، فهذا نصيب الشبهة فيه.
وأما الشهوة فهي نصيب النفس منه، فإن النفس تلتذُّ بسماع الغناء، وتَطْرَب بالألحان المطربة، وتأخذ بحظِّها الوافر فيه، حتى ربما أسكرها، وفعل فيها ما لا يفعله الخمر، فإن الطباع تنفعل للسماع والصورة والخمر، [و] تَسْكَر النفوسُ بها أتمَّ سُكْرٍ، ولهذا قال الله سبحانه في اللوطية لما أخذهم العذاب: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]، فلعشاق الصور سكرة لا يستفيقون منها إلا في عسكر الهالكين، إلا من تداركه الله برحمته.
والسماع يُسكِر الروحَ كما تقدم، وتزيد لذته أحيانًا على لذة الخمر، ولهذا تُؤثّر الألحان في الأطفال والبهائم ما لا يؤثر غيرها فيها. قد تتجرد هذه الشهوة التي هي حظ النفس وهو الغالب من السماع، وقد تُبهرَج بنوع شبهة من محبة الله وطلبه والشوق إلى لقائه، فالشهوة فيه ما للنفوس من الحظ، والشبهة ما للقلب والروح فيه من السفر إلى المحبوب.
ولكن ثمَّ نكتة، وهي أنه هل هذا من الزاد الذي تُسافر به القلوب والأرواح إلى محبوبها، أو ليس من زاد سيرها إليه؟