فصل: السماع مركب من شبهة وشهوة

الشبهة التي في السماع

فإن كنتَ لا تدرِي فتلك مصيبةٌ ... وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ (?)

فصل

والتحقيق في السماع أنه مركب من شبهة وشهوة، وهما الأصلان اللذان ذمَّ الله من يتبعهما ويُحكِّمهما على الوحي الذي بعث الله به أنبياءه ورسله. قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]، فالظن الشبهة، وما تهوى الأنفس الشهوة، والهدى الذي جاءنا من ربنا مخالف لهذا وهذا، وقال تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69]، فالاستمتاع بالخلاق -وهو النصيب- هو الشهوة، والخوض هو الكلام بمقتضى الشبهة. فهذان الداءان هما داءا الأولين والآخرين إلا من عصم الله، وقليل ما هم، وهذا السماع قد تركَّب أمره من هذين الأصلين.

فأمَّا الشبهة التي فيه فهي تعلق أهله بالشبهة التي يستندون إليها في فعله، كقولهم: حضره ساداتُ المشايخ ومَن لا يُطعَن عليه، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته، وسمع الحداء وهو ضرب من سماع الغناء، وسمع الشعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015