والمليح وطيب وصالهما وعذوبته وتوابع ذلك، فتعالى الله وتنزَّه جنابُه وجلَّت عظمتُه أن يشار إليه بذلك، أو يُستجلَب رضاه وقربه به، كلا والله إن استُجلِبَ بذلك إلا مَقْتُه والبعدُ منه.
وكيف يجوز أن تؤخذ الإشاراتُ إلى الله سبحانه من (?) التغزل في النساء والمردان؟ وأين هذا مما يجب له سبحانه من الهيبة والتعظيم والوقار والإجلال لعظمته وخشيته والخوف منه؟ وقد آل بهم هذا إلى أن أطلقوا في حقِّه سبحانه ما يطلقه هؤلاء العشاق في معشوقيهم من الصدّ والهجر والوصال وتوابع ذلك، ونشأت من ذلك الشطحات والطامَّات والرعونات التي هي ضد طريق العبودية، وكل هذا من مفاسد السماع، والعاقل يعلم أن مفسدة شرب الخمر دون هذه المفسدة بكثير.
ومن العجب استدلالهم على جواز سماع الغناء والمعازف والشبابة والدفوف المصلصلة بسماع أصوات الهَزار والبلبل والشُّحْرور والقُمري، وهل هذا إلا من جنس قياس الذين {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275]؟ ومن جنس قياس أهل الإباحة الذين يقولون: النظر إلى الصور الجميلة والتلذذ بها مثل النظر إلى سائر ما خلق الله من المناظر البَهِجة من الأزهار والثمار والنبات والحيوان، فما الذي حلَّل هذا وحرَّم هذا؟ أَفَتَرى هذا ما عَلِمَ أن سماع أصوات الطيور ورؤية محاسن النبات والثمار لا يدعو إلى ما يدعو إليه سماع الغناء وآلات اللهو والنظر إلى الصور المستحسنة؟