واستوائهما، وتقوُّسِ تَينكَ الحاجبين (?) واعتدالِ خلقهما كأنهما خُطَّا بقلم، وأقول: تبارك مَن خطهما بقلم القدرة!
وأنظرُ إلى تَينكَ العينين وما أُودِعَتاه من الملاحة والحلاوة والسواد في ذلك البياض، وحسن شكلهما، وجَمْعهما لمحاسن الوجه، ثم أنظر إلى دقة الأنف واستوائه وحسن شكله، وإلى ذلك الفم واستدارته ولطفه وبديع خلقه، وهكذا عضوًا عضوًا. وأقول في خلال ذلك كله: تبارك الله أحسنُ الخالقين، وإذا رأيتُ هذه الصورة ذكَّرتْني الحورَ العين، كما قال قائل (?):
وإذا رآك العابدون تيقَّنوا ... حُورَ الجِنانِ لدى النعيمِ الخالدِ
فسَعَوا إلى ذاك النعيمِ وشمَّروا ... إذ كان فيك عليه أكبرُ شاهدِ
وهل هذا إلا فَتْح لباب الإباحة وخَرْق لسياج الشريعة؟ وليس بعده أن تقول: إنما حُرِّمت الخمر لما يُوقع شربهُا فيه من العداوة والبغضاء والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وأنا أشربها لغير هذا الغرض، بحيث لا تُوقِعني في عداوة ولا بغضاء، ولا تصدّني عن ذكر الله، ولا عن فرضٍ من فرائضه!
وكل هذا وأمثاله قد رأيناه وشاهدناه في بعض القوم، وفي كتبهم ومخاطباتهم، فانظر كيف يَرِقُّ الدين حتى ينسلخ منه الرجل كانسلاخ الشعرة من العجين، والمعصوم من عصمه الله.