الأحوال التي يثيرها السماع، بالألحان المطربة والنغمات اللذيذة، [و] بالأشعار الرقيقة المناسبة للحال، المشتملة على وصف الملاحة والحسن، وطيب الوصال وعذوبته، وألم الهجران وعذابه، فتتفق ممارسة أوزان الشعر، ولطافة المعاني، وحسن الصوت، وتناسب حركات التصفيق، والإيقاعات، وخصوصية ذلك اللحن، لما في قلب هذا المحب المشتاق، فحيث وجد المناسبة اضطرب وتحرك، وهاجت من قلبه لواعجُه، فتنضاف قوة المناسبة واعتدالها وتلك الهيئة الاجتماعية إلى ما عنده من القبول والاستعداد، فتسير الروح، ويطير القلب، وتنبعث الجوارح.
فهذه النكتة التي أوجبتْ للقوم حضورَ السماع، ولم يأخذهم فيه لومة لائم، ولم يصادفوا من حَلَّها ولا شَفَى بكلامه فيها، بل صادفوا: هذا بدعة، وهذا حرام، وهذا لا يجوز، ومَن فعل ذلك فهو سفيه، ونحو هذا من القول الذي لم يصلْ به قائله إلى باطن الداء، ولم يضع فيه الدواء على ما يناسبه من الداء، بل داوى الداء بغير دوائه، فلم يزد المرض إلَّا قوة.
فنقول: وبالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنما تنحلُّ هذه الشبه بذكر قواعد أربعة (?)، إذا تبيّنت انحلَّتْ شبهة السماع (?).