البشارة؛ وللنهي: الإنذار؛ فعليه تكون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم جامعة بين البشرى، وبين الإنذار؛ والأمر، والنهي؛ إذاً فالرسول مبشر للمتقين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً؛ ومنذر للكافرين أن لهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب (?).

قوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119]، " أي أنت لست مسئولاً عمن لم يؤمن منهم، بعد أن بذلت الجهد في دعوتهم" (?).

قال البيضاوي: " ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلغت" (?).

قال الزمخشري: " ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلغت وبلغت جهدك في دعوتهم، كقوله: {فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ} [الرعد: 40] " (?).

قال الطبري: أي" فليس عليك من أعمال من كفر بك بعد إبلاغك إياه رسالتي تبعة، ولا أنت مسئول عما فعل بعد ذلك" (?).

قال السعدي: " أي: لست مسئولا عنهم، إنما عليك البلاغ، وعلينا الحساب" (?).

قال ابن عثيمين: " أي لا يسألك الله عنهم؛ لأنك بلَّغت؛ والحساب على الله" (?).

قال الواحدي: " أي: لست بمسؤولٍ عنهم، وليس عليك من شأنهم عُهدة ولا تبعة، فلا تحزن عليهم، كما قال: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 40] " (?).

و(أصحاب) جمع صاحب؛ وهو الملازم؛ و (الجحيم) من أسماء النار (?)، أي: النار العظيمة؛ وهي لها أسماء كثيرة منها: النار، والسعير، وجهنم، والجحيم؛ كل ذلك لاختلاف أوصافها؛ وإلا فهي واحدة، وأصل (الجحيم): ما اشتد لهبه (?).

قال الإمام الطبري: " فـ (الجحيم)، هي النار بعينها إذا شبت وقودها، ومنه قول أمية بن أبي الصلت (?):

إذا شبت جهنم ثم دارت ... وأَعْرَض عن قوابسها الجحيم" (?)

قال الثعلبي: " الجحيم: وهو الجحم والجحمة: معظم النار" (?).

قال الواحدي: " والجحيم عند العرب: النار المستحكمة المتلظية، يقال: جَحَمَتِ النارُ تَجْحَمُ، بفتح العين فيهما، جُحومًا فهي جاحم وجحيم، قال الله تعالى في قصة إبراهيم: {فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} [الصافات: 97]، أراد: النار الشديدة التأجج. ويقال لشده القتل في معركة الحرب: جاحم، تشبيهًا بالنار العظيمة، قال (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015