طعام واحد} [البقرة: 61]، وقولهم: {اجعل لنا إلاها كما لهم ءالهة} [الأعراف: 138]، وقوله: {أتتخذنا هزوا} [البقرة: 67]، وقولهم: {أرنا الله جهرة}، [النساء: 153]، فكذلك هؤلاء المشركون يكونون أبدا في العناد واللجاج وطلب الباطل.

والثاني: أن تشابه قلوبهم هو في اتفاقهم على الكفر، فجعله اشتباها. قاله الفراء (?).

والقولين صحيحين: إذ تشابهت قلوب الأولين، والآخرين في رد الحق، والعناد، والتعنت، والجحود؛ من أول ما بعثت الرسل إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، بل وإلى يوم القيامة، فقلوب أهل الكفر، والعناد متشابهة؛ إنما يختلف الأسلوب؛ قد يقترح هؤلاء شيئاً؛ وهؤلاء شيئاً آخر؛ لكن الكلام على جنس الاقتراح، وعدم قبولهم للحق (?).

قال ابن عاشور: "وقوله {تَشَابَهَتْ}، صيغة من صيغ التشبيه، وهي أقوى فيه من حروفه وأقرب بالتشبيه البليغ، ومن محاسن ما جاء في ذلك قول الصاباء (?):

تشابه دمعي إذ جرى ومُدامتي ... فمِن مثل ما في الكأس عيني تسكُب

وفي هذه الآية جعلت اليهود والنصارى مماثلين للمشركين في هذه المقالة لأن المشركين أعرق فيها إذ هم أشركوا مع الله غيره فليس ادعاؤهم ولداً لله بأكثر من ادعائهم شركة الأصنام مع الله في الإلاهية فكان اليهود والنصارى ملحقين بهم لأن دعوى الابن لله طرأت عليهم ولم تكن من أصل ملتهم وبهذا الأسلوب تأتى الرجوع إلى بيان أحوال أهل الكتابين الخاصة بهم وذلك من رد العجز على الصدر " (?).

وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو حيوة: {تشّابهت}، بشد الشين، قال أبو عمرو الداني: وذلك غير جائز لأنه فعل ماض (?).

قوله تعالى {قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ} [البقرة: 118]، "أي قد وضحنا الأدلة وأقمنا البراهين" (?).

قال أبو السعود: " أي نزلناها بينة، بأن جعلناها كذلك في أنفسها كما في قولهم سبحان من صغر البغوض وكبر الفيل لا أنا بيناها بعد أن لم تكن بينة" (?).

قال الطبري: أي" قد بينا العلامات التي من أجلها غضب الله على اليهود" (?).

قال الحافظ ابن كثير: أي: "قد وضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر وزيادة أخرى" (?).

قال الرازي: " المراد: أن القرآن وغيره من المعجزات كمجيء الشجرة وكلام الذئب، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل، آيات قاهرة، ومعجزات باهرة" (?).

قال المراغي: " أي إننا لم نتركك بلا آية، بل بينا للناس الآيات على يديك بما لا يدع مجالا للريب" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015