أحدهما: أنهم اليهود، وهو قول مجاهد (?).

والثاني: أنهم اليهود والنصارى، "لأن الذين لا يعلمون هم العرب" (?)، وهو قول قتادة (?)، والسدي (?)، والربيع (?).

قال ابن عاشور: "وفي هذا الكلام تسلية للنبيء -صلى الله عليه وسلم-، بأن ما لقيه من قومه مثل ما لاقاه الرسل قبله ولذلك أردفت هذه الآية بقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119] " (?).

قوله تعالى: {تَشابَهَتْ قُلُوبُهُم} [البقرة: 118]، "أي تماثلت قلوب هؤلاء وقلوب من قبلهم في العمى والقسوة والعناد" (?).

قال الطبري: أي" فاشتبهت قلوب اليهود والنصارى في تمردهم على الله وقلة معرفتهم بعظمته وجرأتهم على أنبيائه ورسله، كما اشتبهت أقوالهم التي قالوها" (?).

قال ابن كثير: أي: "أشبهت قُلُوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو، كما قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 52، 53] " (?).

قال أبو السعود: " أي قلوب هؤلاء وأولئك في العمى والعناد وإلا لما تشابهت أقاويلهم الباطلة" (?).

قال المراغي: " والألسنة ترجمان القلوب، والقلب إذا استحكم فيه الكفر والعمى لا يجرى على لسان صاحبه إلا ما ينبئ بالتباعد عن الإيمان من معاذير لا تجدى، وتعلّات لا تفيد، فالحق واحد، ومخالفته هى الضلال وهو واحد وإن تعددت طرقه واختلفت وجوهه، وآثاره تتشابه حين تصدر عن الضالين حتى كأنهم متواصون به فيما بينهم كما قال تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53] " (?).

وفي قوله تعالى: {تَشَابَهتْ قُلُوْبُهُمْ} [البقرة: 118]، وجهان (?):

أحدهما: تشابهت قلوب اليهود لقلوب النصارى، وهذا قول مجاهد (?).

والثاني: تشابهت قلوب مشركي العرب لقلوب اليهود والنصارى، وهذا قول قتادة (?)، والربيع (?).

واختلف في تفسير (التشابه) في قوله تعالى: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118]، على وجهين (?):

أحدهما: أن المكذبين للرسل من العرب واليهود والنصارى وغيرهم تتشابه أقوالهم وأفعالهم في التعنيت والاقتراح وترك الإيمان، فكما أن قوم موسى كانوا أبدا في التعنت واقتراح الأباطيل، كقولهم: {لن نصبر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015