و (المساجد): جمع مَسجِد، إن أُريد به المكان المخصوص المُعَدّ للصلوات الخمس، وإن أُريد به موضع سجود الجبهة، فإنه بالفتح لا غير (مَسجَد) (?).
و(المسجد) لغة: الموضع الذي يسجد فيه، ثم اتّسع المعنى إلى البيت المُتّخذ لاجتماع المسلمين لأداء الصلاة فيه، قال الزركشي رحمه الله: "ولَمّا كان السجود أشرف أفعال الصلاة، لقرب العبد من ربه، اشتق اسم المكان منه فقيل: مسجد، ولم يقولوا: مركع، ثم إن العُرف خصص المسجد بالمكان المهيّأ للصلوات الخمس، حتى يخرج المُصلّى المجتمع فيه للأعياد ونحوها، فلا يُعطى حكمه" (?).
و(المسجد) في الاصطلاح الشرعي: المكان الذي أُعِدّ للصلاة فيه على الدّوام (?)، وأصل المسجد شرعًا: كل موضع من الأرض يُسجد لله فيه (?)؛ لحديث جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ... وجُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيُّما رجل من أمّتي أدركته الصلاة، فليصلِّ" (?)، وهذا من خصائص نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - وأمّته، وكانت الأنبياء قبله إنما أُبيحت لهم الصلاة في مواضع مخصصة: كالبِيَع والكنائس (?).
وقد ثبت في حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ... وأينما أدركتك الصلاة فصلِّ، فهو مسجد" (?).
قال الإمام النووي رحمه الله: "فيه جواز الصلاة في جميع المواضع إلا ما استثناه الشرع من الصلاة: في المقابر، وغيرها من المواضع التي فيها النجاسة: كالمزبلة، والمجزرة، وكذا ما نُهِيَ عنه لمعنى آخر: فمن ذلك أعطان الإبل، ... ومنه قارعة الطريق، والحمام، وغيرها؛ لحديث ورد فيها" (?).
أما (الجامع): فهو نعت للمسجد، سمّي بذلك؛ لأنه يجمع أهله؛ ولأنه علامة للاجتماع، فيقال: المسجد الجامع، ويجوز: (مسجد الجامع) بالإضافة، بمعنى: مسجد اليوم الجامع (?)، ويقال للمسجد الذي تُصلَّى فيه الجمعة، وإن كان صغيرًا؛ لأنه يجمع الناس في وقت معلوم.
وفي الآية الكريمة أضاف الله تعالى المساجد إلى نفسه إضافة تشريف، وفضل، وكقوله - عز وجل -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18]، وقوله - سبحانه وتعالى -: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، مع أن جميع البقاع وما فيها ملك لله - عز وجل -، فهو خالق كل شيء ومالكه، ولكن المساجد لها ميزة وشرف؛ لأنها تختص بكثير من العبادات، والطاعات، والقربات، فليست المساجد لأحد سوى الله، كما أن العبادة التي كلف الله بها عباده لا يجوز أن تصرف لأحد سواه (?)، ومن هذه الإضافة ما أضافه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله إضافة